نهنئ الجسم الجامعي أساتذة وباحثين وطلبة لصدور حكم التمييز بإقرار شرعية جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت، مكملاً في ذلك جميع درجات التقاضي رغم أنف الإدارة الجامعية التي سعت جاهدة ومن دون خجل أكاديمي أو حياء علمي حتى الرمق الأخير إلى ضرب أحد أهم صروح العمل النقابي في الكويت.
ويأتي حكم محكمة التمييز ليضع وساماً من الدرجة الممتازة على صدر جمعية أعضاء هيئة التدريس، ويبارك تلك المسيرة التاريخية العريقة لأساتذة الجامعة منذ إنشائها وبصماتها المشرقة، ليس فقط على الصعيد الجامعي والأكاديمي فحسب، بل على الصعيد المجتمعي والسياسي.ولا يمكن لأي منصف أن يتنكر لجهود جمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت منذ مطلع السبعينيات في التصدي بقوة من أجل المكتسبات الوطنية والدستورية وحماية الدستور والديمقراطية الكويتية وتفعيل منبر حرية الرأي والكلمة والموقف، فهذه الجمعية هي التي احتضنت أعضاء مجلس الأمة المنحل بشكل غير دستوري عام 1986، وحركت عجلة المطالبة بعودة الحياة الديمقراطية، وهي الرحم التي خرجت الآلاف من النشطاء والخبراء والعلماء وصناع القرار على جميع المستويات وفي التخصصات المختلفة.وفي المقابل كانت هناك محاولات عديدة لإخماد هذه الشمعة المضيئة إما بملاحقة رموزها وإما بالسعي إلى حل مجالس إدارتها، وإما بمحاربة أعضائها حتى في لقمة عيشهم داخل أسوار الجامعة وخارجها، وإما بتبني أعضاء هيئة التدريس من شاغلي الوظائف القيادية داخل الإدارة الجامعية لمنافستهم في الانتخابات لعل وعسى أن يتم السيطرة عليها أو على الأقل اختراقها لتفريغ أهدافها وإخماد أنشطتها من الداخل، ولكن جميع تلك المحاولات وما دفع لها من مزايا عينية ووظيفية من جهة، واتباع سياسة الترهيب من جهة أخرى، باءت بالفشل الذريع.وإذا كانت الهيئة الإدارية لجمعية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة طوال مسيرتها النقابية على خلاف مع الإدارات الجامعية المتعاقبة على خلفية المواقف السياسية ومبادئ الحرية وحقوق أعضاء هيئة التدريس، فإن السنوات العشر الماضية شهدت مواجهات حادة بين الطرفين من جراء استفحال صور الفساد الإداري والمالي والأكاديمي في أهم مؤسسة علمية على الإطلاق، وتحولها إلى مرتع للنفوذ والشللية والمصالح الضيقة، ولا عجب في أن استمرار نفس نهج الإدارة الجامعية وامتداد فترة تولي رموزها للمناصب الرئيسة على مدى أربع إدارات متتالية قد أدى إلى إبقاء نفس الروح والموقف والرموز في جمعية أعضاء هيئة التدريس في المقابل وبنفس القدر من الإصرار والتحدي، ولهذا لم تتردد الإدارة الجامعية في نسف وجود الجمعية وضرب شرعيتها وكيانها القانوني على الرغم من عضوية نفس الأساتذة في الإدارة الجامعية الحالية فيها، والترشح في انتخاباتها السابقة بما في ذلك مدير الجامعة نفسه، ومن خلال القضاء للقضاء على مصدر هذا الإزعاج المستمر!وبعد أن نطق القضاء حكمه العادل على مستوى المحكمة الكلية ومحكمة الاستئناف، وأخيراً محكمة التمييز، فقد انتصر بذلك ليس فقط لجمعية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، بل لجميع النقابات والكيانات المشابهة التي تعسفت الحكومة في إشهارها، الأمر الذي ينم عن قصور في رؤى إدارة عليا يفترض فيها أن تكون خلاصة النخبة المثقفة في المجتمع وأحد مراجع صناعة القرار فيه، ومدى الفجور في الخصومة والتعصب الأعمى في مقارعة الحجة بالحجة، والدفاع عن قراراتها التي باتت مرفوضة لدى السواد الأعظم من أساتذة الجامعة.ولهذا نقول للإدارة الجامعية الحالية إن الحكم النهائي بشرعية الجمعية يعني شرعية مطالبها وأهدافها وحجية دعواها في الكشف عن بؤر تجاوزاتك ومخالفاتك التي حولت جامعة الكويت في عهدك إلى ثوب بالٍ من كثرة ثقوبه الظاهرة، ولما كان حكم التمييز قد ركز نقابة الأساتذة كعظم عصي في بلعومك إلى الأبد، فإن استقالتك باتت أقل ما يمكن تقديمه للحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه أمام آلاف الطلبة ومئات الأساتذة، فارحلي لأن الجامعة تستحق الأفضل! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
ارحلي يا إدارة... فالجامعة تستحق الأفضل!
05-01-2010