إن الناجحين حقا، لم يكونوا دائما هم أصحاب الأفكار الناجحة، بل حسبهم أنهم كانوا أصحاب الهمة العالية واليقظة الحادة ممن أحسنوا التقاط الأفكار الجيدة الواعدة من حولهم... وجعلوا منها أشياء عظيمة، والتاريخ يدلنا على كثير من المخترعات العظيمة التي جاءت بهذه الطريقة.
قال الجاحظ قبل مئات السنين إن الأفكار ملقاة على قارعة الطريق، وحين واجهت هذه العبارة للمرة الأولى، كنت أتساءل عن كيف يكون ذلك؟ وكيف تكون الأفكار ملقاة على قارعة الطريق، في حين أن الفاشلين في هذه الحياة أكثر من الناجحين فيها؟!وسارت الأيام، وأخذت مني وأعطتني، وأخذت منها وأعطيتها، فتعلمت منها، شيئا فشيئا، أن النجاح يطير بجناحين... جناح الفكرة الرائدة المتميزة، وجناحا آخر، أهم، هو جناح الهمة العالية والحماس المتصل لوضع هذه الفكرة محل التطبيق. حينها، وحينها فقط، أدركت ما كان يريده ذلك العظيم الجاحظ!إن الأفكار الرائعة الجميلة، بالفعل كثيرة جدا، حتى كأنها اليوم قد صارت ملقاة على قارعة الطريق، وكثيرون هم أصحابها من حولنا، فكم من مرة رأيت من يقول لك عندي فكرة؟ مرات عديدة ولا شك، ولكن كم من مرة رأيت من يقول عندي فكرة، وبدأت بالفعل بتطبيقها والعمل على تحقيقها؟ القليل... بل لعله القليل جدا!لذلك صدق الجاحظ يا سادة... إن الأفكار ملقاة على قارعة الطريق، لكن الناجحين حقا هم من يملكون تلك الهمة وذلك العزم لوضع «التفكير والكلام» محل «الفعل»، بل إن الناجحين حقا، وهذه هي الفكرة الأهم من كل ما سبق، لم يكونوا دائما هم أصحاب الأفكار الناجحة، بل حسبهم أنهم كانوا أصحاب الهمة العالية واليقظة الحادة ممن أحسنوا التقاط الأفكار الجيدة الواعدة من حولهم... التقطوا فكرة أو اثنتين أو ثلاثا، من عشرات الأفكار التي يلقيها قليلو الهمم على قارعة الطريق يوميا، فجعلوا منها أشياء عظيمة... والتاريخ يدلنا على كثير من المخترعات العظيمة التي جاءت بهذه الطريقة، ولقد صدق أمير المؤمين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال: يطير المرء بهمته كما يطير الطائر بجناحيه!
مقالات
الافكار الجميلة و جناحا الطائر
18-07-2010