مع إشراقة كل صباح أصبح محتوماً علينا أن نودِّع إنساناً إلى مثواه الأخير بسبب حوادث السيارات، حتى أصبح لا يخلو بيت من فقيد أو مشوَّه أو مكسور.
هناك حالة حرب شعواء تدور رحاها في شوارعنا لا يبدو أن لها حلاً منظوراً، ولا يبدو أنها قد أُخِذَت في الاعتبار في خطة التنمية المزعومة، فمن غير المفهوم أن يكون هناك تنمية والبشر يموتون يومياً دون إعلان حالة طوارئ مرورية للتعامل مع «حرب الشوارع» المزمنة، ودون أن تتصدى تلك الخطة لظاهرة الانتحار التدريجي.عمر الرفاعي أحد طلبتي الأحباء، شاب مليء بالحيوية والعفوية والمرح، مقبل على الحياة، خطفته يد المنون يوم الاثنين «القاتم» بسبب حادث سيارة قرب الجامعة.منذ أيام، وكعادته مَرَّ بي عمر في مكتبي بالجامعة، وكان الحديث عن المستقبل والخيارات المفتوحة أمامه، وطموحاته التي لا حدود لها، لم يكتمل الحديث وتواعدنا على لقاء آخر لنستكمل الحديث عن مستقبله، لم أدرِ أنه كان اللقاء الأخير، ولكنها إرادة الله.ذهب عمر هكذا من بين أيدينا، دون مقدمات، دون سابق إنذار، اختفى عن أعيننا إلى الأبد، فلن أتوقعه مجدداً بابتسامته المعهودة وقفشاته خفيفة الظل.حكاية عمر ربما هي حكاية مكررة في بيوت كثيرة فقدت عزيزاً بسبب الوحوش الحديدية المسماة سيارات.حكاية طرق الموت المرصوفة أصبحت حكاية متعبة نفسياً. كم هو مؤلم أن عمر لن يعود، وغداً بالتأكيد سيأتي الدور على واحد منا، وكل ما نفعله هو بعض البيانات والتصريحات والأنشطة الإعلامية، وما إن يتسبب يافع أو كبير في حادث حتى تجد نائباً هنا أو نائباً هناك «يتوسط» لذلك المستهتر الذي قضى على مستقبل أسرة بكاملها دون إحساس أو خجل، كما تجد تجاوباً من الأجهزة المعنية لكسر القانون.أعزي نفسي في وفاة ابني الطالب عمر الرفاعي، كما أعزي أبنائي الطلبة، فقد كان من الطلبة المحبوبين، وخالص العزاء لأسرته الكريمة وأحبته، ونسأل الله لهم الصبر والسلوان، وأن يتغمده الله بالرحمة والغفران، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أخر كلام
عمر لن يعود
28-07-2010