العجيب في مستوى الحوار البرلماني أنه كلما اعتقدنا أنه تدنى إلى أقل مستوى نجح في إيجاد مستو أدنى! فالحوار «اللطيف» الذي دار بين «نائبتي» الأمة الصرعاوي والعتيبي في جلسة الثلاثاء الماضي لهو مثال صارخ لا على تدني لغة الحوار وأخلاقيات المهنة فقط إنما على إعاقة وتخلف الذكاء العاطفي لأغلب نواب هذا المجلس.

Ad

بشكل عام الإنسان الذكي عاطفياً والراقي ثقافياً ومهنياً يعرف كيف يفهم مشاعره وكيف يجيِّرها ويديرها لمصلحته دون أن تحسب عليه أخطاء أو إساءات أو انتهاكات للقانون أو الذوق العام. الإنسان الراقي والمتنور لا يسعى للتنفيس عن مشاعره لمجرد التنفيس، بل يعمل جاهداً- مستخدماً عقلة لا حنجرته- لفهم منطلقات مشاعره ومعالجة القضايا خلفها.

مثال: قد- وأقول قد لإعطاء البعض شيئاً من حسن الظن- يشعر بعض أو أغلب أعضاء مجلس الأمة بالإحباط أو القلق لتكرر أخطاء وهفوات الحكومة، ولكن ذلك لا يبرر الغضب ولا افتتاح المجلس بالصراخ والوعيد والتهديد. الحل الأكثر ذكاء هو استثمار بعض الوقت في إيجاد استراتيجيات جديدة وسياسات ضغط مبتكرة لتغيير أداء الحكومة أو حتى التعويض عن ضعفها. أما البكاء وتبادل التهم فهو للأطفال الذين لا حيلة لهم! لا أحد يلوم عادل الصرعاوي على إحباطه لعودة أحمد الفهد إلى الحكومة. فالأغلبية إما تتفق وشعوره وإما على الأقل تتفهمه. كما لا يشكك أحد بنواياه أو ذمته حتى مَن يختلف معه سياسياً أو تكتيكياً. ولكن التشكيلة الحكومية أمر واقع يجب التعامل معه. رفضه وتكرار التعبير عن عدم تقبله لن يغير في الواقع شيئاً. لذا ما الحكمة من الاستمرار في تكرار نفس الكلام وخلق نفس الأزمات في كل جلسة؟ إن كان هنالك قضايا محددة فيمكن علاجها بالسؤال وحتى بالاستجواب وبأسلوب قائم على الحوار العقلاني والحجج الموضوعية وبإيمان مطلق بالدستور كوسيلة لحماية الحق وبحق الآخر باستخدام الأدوات نفسها للدفاع عن النفس. إن كان القصد إحراج «الفداوية» فلا ذلك هدف يستحق بذل الطاقة ولا الكلام الجارح ينفع مع من اختار هذا الدور. يمكنني أن أجزم أن زئير الصرعاوي في كل جلسة حول توزير أحمد الفهد ليس إلا للتنفيس عن الغضب والإحباط. وهو اختيار غير موفق للمكان والقناة والوسيلة. ولا تؤدي- في كل مرة- إلا إلى مزيد من التوتر والضغط النفسي والإهانة للمهنة ولقبة «عبدالله السالم».

ألوم عادل الصرعاوي لأنه هو المسؤول عن أدائه ولأنه الوحيد في ذاك التفاعل المرجو منه الخير. أما الطرف الآخر فما تلفظ به خير دليل على ما ينضح به... وفي النهاية ليس عليه حرج!