البعض يقول إنه دخل إلى عالم الصحافة من النافذة، وفي رواية من تحت فتحة الباب، فيما آخرون يقولون إنه تسلق قصر صاحبة الجلالة وتسلل مع فتحة التكييف، إن صحت هذه الأوصاف التي لا تطلق إلا على «الحرامية» فإن محمد الوشيحي أفضل وأشجع وأظرف حرامي رأيته في حياتي.

Ad

الصحافي هو كل من يعمل في مجال الصحافة ويتعامل مع الخبر نقلا وصياغة، وهو ما يتطلب إخضاع العاملين في هذا الحقل لدورات تدريبية إن لم يكونوا في الأساس قد درسوا الإعلام، أما كتّاب الأعمدة والزوايا فهم في نهاية الأمر ليسوا صحفيين بل «كتّاب رأي» لا ناقلي أخبار، فالتخصص والدراسة ليسا ضروريين، علما أن أشهر كتّاب الأعمدة في الصحافة العربية، وأغلبهم لم يكونوا خريجي إعلام.

الوشيحي حالة فريدة في الكتابة في الصحافة الكويتية، إن كتب مقالا سياسيا فيجب عليك أن تنهض وتعدل من جلستك ليستقيم ظهرك، وتفرك عينيك جيدا، وتقول بعد قراءة كل فقرة في المقال «هذا مجنون هذا بايعها»، وإن كتب ساخراً، أنصحك بأن تقرأ المقال مستلقيا على ظهرك وتغلق أبواب المكان لأن قهقهتك وضحكك سيصلان إلى آخر الشارع، وإذا كتب عن الليبرالية والإسلام فأبلغ أهل بيتك وخاصتك بأن الوشيحي لم يكتب اليوم!!

تجربة الوشيحي في «احتراف» الكتابة خارجيا مع جريدة «الدستور» تختلف عما سواها من التجارب الكويتية، فمهم أن نفهم أن هناك كتّاباً صنعتهم مناصبهم وعلاقاتهم، لكن الأهم هو فهم أن هناك كتّاباً صنعتهم أقلامهم وكتاباتهم، والوشيحي من الفريق الأخير، فهو ليس وزيرا سابقا، أو أكاديميا معروفا، ولا ينتمي إلى عائلة ذات حظوة مالية، بل هو رجل «غلبان» على باب الله، لا يملك إلا القلم والفكرة والأسلوب، وتهافت الصحافة العربية على الظفر بكتاباته، يؤكد أن الذي أغراها للبحث عنه هو «قلمه» لا اسمه أو شخصه.

إن تفاعل القارئ المصري عبر ما رصدت من تعليقات وردود أفعال في بلاد الكنانة حول مقالين فقط كتبهما الوشيحي حتى الآن، يثبت أن «أبا سلمان» حرك المياه الراكدة عن النظرة النمطية التي ينظرها إلينا الأشقاء في مصر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المقالات المقبلة للرجل إذا ما كتبت على نفس السياق والحدة، فستكون بداية لمرحلة جديدة سيعيشها الوشيحي مع خصومه السياسيين أو مع من ينتقدهم على الأقل.

أدرك تماما أن الوشيحي سيدخل في إشكالات مستقبلا مع جهات عدة، وأجزم بأن «الدستور» ستتعرض لمشاكل لا حصر لها، فالوشيحي بالنسبة لبعض الأطراف «وباء» يجب الحد من انتشاره والتضييق عليه حتى لو كتب في صحيفة هندوراسية أو منغولية.

لا أدري فقد يكون الوشيحي في القريب العاجل عنواناً لأزمة سياسية بين القاهرة والكويت، لكنني متأكد وبحكم فهمي لعقليته، أنه الآن ممسك بقبضة يده اليمنى ويهمس بينه وبين نفسه «اشتقت لخناقة مع أحد ما مثل ما كنت أفعل في ثانوية الصباحية للبنين وليس البنات»… وإن غدا لناظره قريب.

***

البعض اعتقد أن القرار الذي اتخذته بوقف الكتابة عن الشأن السياسي المحلي وما يدور من مماحكات بين الحكومة والمجلس، كان نتيجة لتضييق مارستة جريدة «الجريدة»، هذا الأمر غير صحيح إطلاقا، نعم قد نختلف ونتفق مع سياسة «الجريدة» وهذا أمر طبيعي، لكن «الجريدة» وإدارتها وتحريرها أرقى من أن تمارس هذا الأسلوب، وأنا أقول هذا الكلام من واقع تجربة ممتده أكثر من سنتين لم ألق فيهما إلا كل تقدير واحترام من مالكها شخصياً ومن طاقم تحريرها بدءاً من موظف الاستقبال إلى رئيس التحرير الزميل خالد هلال.

***

«عودوا إلى الأمة يا نوابها لتقول كلمتها فيكم».

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة