لم يكن اجتماع هذا العام كغيره من الأعوام في ظل إدارة الدكتور علي التريكي الرئيس الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم تكن القضايا التي تصدرت خطابات ممثلي الدول قد بدت أفضل حالا، فالقمم هي قمم الهموم المشتركة والجميع في بيت الأمم يشكو ويتطلع إلى مواجهة آثار العديد من القضايا، وأبرزها هذا العام حسب ما جاء في خطابات رؤساء الوفود هي قضايا البيئة والأزمة المالية العالمية، وتطلعات الدول النامية لتمثيل أفضل في مجلس الأمن، أما قضية فلسطين، فمازالت تتأرجح بين تقارير لجان حقوق الإنسان التي تكشف عن انتهاكات مستمرة لأبسط الحقوق، والقدس التي أصبحت معزولة ومحاطة بمستوطنات غير شرعية، والقانون الدولي يقف عاجزا أمام مرجعيات اتفاقيات السلام، سواء كانت أوسلو أو مبادرة السلام العربية التي شكلت العامل المشترك في خطابات دول الخليج.

Ad

وبالمناسبة، ومع اقتراب قمة التعاون اسمحوا لي أن أشارككم في جولة سريعة لأهم النقاط التي احتوتها كلمات دول التعاون التي ألقاها ممثلو الدول الأسبوع الماضي في الاجتماع الرابع والستين للأمم المتحدة:

لنبدأ بكلمة الإمارات التي استعرضت اعتزازها باختيار المجتمع الدولي لها هذا العام مقرا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وفخرها بإنشاء مدينة خالية من الكربون والنفايات وهي مدينة «مصدر» في أبوظبي، والتي تعتمد على الطاقة المتجددة، الأمر الذي يمهد الطريق لرؤيا خليجية لدخول دول التعاون مرحلة ما بعد النفط، وبالتالي تطوير برنامج سلمي للطاقة النووية.

أما كلمة دولة قطر هذا العام، فاختارت اقتصادات البترول محورا للكلمة، واختارت أن يشاركها العالم في وضع تصور لخطط مستقبلية لاستخدام الموارد الهيدروكربونية، خصوصا بعد وصولها إلى المرتبة الثالثة عالميا من حيث حجم احتياطيات الغاز الطبيعي المسال، وأعلنت تمسكها بمعايير التنمية المستدامة والحرص على تصدير الغاز بشكل لا يشكل ضررا للبيئة.

وأما الكلمة التي وضعت إطارا للتفاوض وأسسا فاعلة لإدارة عملية السلام، فهي كلمة المملكة العربية السعودية، التي دعت إلى إجراء الإصلاحات التي تكفل التوسعة في عضوية مجلس الأمن بما يتناسب مع تحسين التمثيل الجغرافي واعتماد الشفافية، ثم مملكة البحرين التي أبدت عبر كلمتها القلق من التدهور البيئي والتصحر باعتبارها دولة جزيرية.

وجاءت كلمة سلطنه عمان معلنة أنها أوجدت النصوص الخاصة في تشريعاتها الوطنية بما يضع الاعتبارات البيئية في جميع خططها الاستراتيجية الحفاظ على البيئة والمياه الإقليمية بعيدا عن التلوث، كما دعت السلطنة إسرائيل لاغتنام فرصة المبادرة التاريخية لعملية السلام، ورحبت بالجهود الدولية لمكافحة القرصنة البحرية والسطو المسلح على السفن قبالة سواحل منطقة القرن الإفريقي، إلى جانب التطلع لبوادر التوصل للحل الدبلوماسي مع إيران بشأن الطاقة الذرية.

أما كلمة الكويت التي ألقاها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد فقد احتوت على مواضيع كثيرة، أبرزها الإصلاح الإداري المطلوب في المؤسسات والمنظمات الدولية والتخصصية، والحاجة إلى إدخال التحسينات على النظام التجاري الدولي، لمجابهة التحديات التي تواجهها الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة بعد الأزمة المالية العالمية، وأعلنت الكويت أيضا استمرارها في تطبيق دبلوماسية التنمية والمساعدات في ظل الأزمة المالية العالمية.

وأخيرا وبعد الاطلاع على رسائل دول الخليج، والانطلاقة الإماراتية الجادة نحو الطاقة المتجددة والتشريع وسن القوانين لحماية البيئة في سلطنه عمان والبحرين، وارتفاع قيمة الغاز القطري، وانطلاق الجامعة التكنولوجية في المملكة العربية السعودية، نتطلع جميعا إلى رئاسة الكويت الدورية هذا العام للمنظومة الخليجية ودمج الرؤيا الكويتية للإصلاح بطموح دول الخليج والخروج بمحصلة إيجابية وتنافسية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء