صلّوح ملّوح... و انفلونزا النواب !
لست من أتباع نظرية المؤامرة، لكنني سأجد عند أتباعها وجاهة في القول إن هم قالوا إن ما يجري اليوم هو مؤامرة مدبرة للقضاء على مجلس الأمة من الداخل عبر نشر فيروس إنفلونزا في أروقته ليصيب النواب في عقولهم. يحق للناس أن تقلق من الإنفلونزا الجديدة، أو ما يسمى خطأ بإنفلونزا الخنازير، خصوصا أن الإعلام قد لعب، ولايزال يلعب، دوراً «إرعابيا»، بالعين لا بالهاء وإن كانت الهاء تصلح أيضاً، في تضخيم المسألة. أقول يحق للناس أن تقلق فتثير الأسئلة، ولكنني، بحكم تخصصي ومعرفتي بأن هذه الإنفلونزا ليست خطيرة جداً على المستوى المرضي وأنها قابلة للعلاج بسهولة نسبية وعلاجها متوافر، فلست قلقاً من الأمر جداً، وأنا واثق أنه سرعان ما ستهدأ الأمور كحال كل الأوبئة التي مرت على الأرض منذ فجر التاريخ.
إن ما يقلقني حقا هو حالة مرضية أخرى لعلي أسميها «إنفلونزا النواب» مع الاستئذان من منظمة الصحة العالمية، وهي حالة انتشرت عندنا في الآونة الأخيرة، وتزداد انتشارا بشكل متسارع، وهي ما يجب على الجميع أن يقلقوا منه حقا!صار من الممكن أخيراً أن نرصد وبوضوح أن التصادمات النيابية ـ النيابية قد أضحت أكثر بكثير من التصادمات المعتادة التي ألفناها بين النواب والحكومة، وأنه لا يكاد يمر يوم علينا إلا ونجد مناطحة جديدة بين نائب ونائب، بالنكهات والأساليب المختلفة وباستخدام كل أنواع الألفاظ، وصولاً إلى استخدام قاموس الشتائم في كثير من المرات، ولم يستثنِ الأمر إلا قلة من النواب ممن عافاهم الله من الإصابة بهذا الوباء! المضحك، أو اسمحوا لي أن أقول أن المقرف في الأمر، هو أن كثيراً من هذه التصادمات التي غالباً ما تبدأ بالقصف الشرس والاتهامات بالطائفية والقبلية والفداوية وأن هذا النائب ذنَّب أو تابع أو ساقط وغير ذلك مما تجود به ذخيرة النواب في ساعات الانفعال، تنتهي إلى حب الخشوم، وسامحني وأسامحك، وإلى ابتسامات متبادلة على صفحات الجرائد، وكأن من تابعوا هذه «الانحدارات» وهذا التمرغ في وحل انعدام الأخلاق هم أناس بلا عقول ولا ذاكرة تماما كأسماك الزينة الذهبية التي تنسى كل شيء خلال ثوان معدودة!التصادمات الأخيرة ما بين النواب وانفعالاتهم المريضة التي وصل بعضها إلى ما دون صفر الأخلاق، تجعلني أتشكك حقا بأن الأمر مجرد فوضى نيابية تجيء اليوم بمحض المصادفة، وأن النواب الذين جاؤوا منذ أيام قليلة عبر انتخابات أعقبت حلين لمجلس الأمة على خلفية أزمات سياسية لايزالون غير قادرين على رؤية كامل المشهد!لست من أتباع نظرية المؤامرة، لكنني سأجد عند أتباعها وجاهة في القول إن هم قالوا إن ما يجري اليوم هو مؤامرة مدبرة للقضاء على مجلس الأمة من الداخل عبر نشر فيروس إنفلونزا في أروقته ليصيب النواب في عقولهم، وبالأخص ضعيفي المناعة منهم، بحالة من «قلة الأدب والقيمة»، فيكون سهلاً بعدها على عموم الناس أن تقبل فكرة «إغلاق الدكان» بالقفل وإلقاء المفتاح في اليم، لننتهي جميعاً إلى «صلوح ملوح اللي يدل بيته يروح»، وحينها على نفسها ستجني براقش!