أسباب التشدد السوري

نشر في 12-07-2009
آخر تحديث 12-07-2009 | 00:00
 صالح القلاب لا أمل إطلاقاً في أي مصالحة فلسطينية - فلسطينية ما لم تحصل سورية على ما تريده من الأميركيين، فالوضع الفلسطيني في حالته الراهنة حيث هناك كل هذا الانقسام الذي يشكل عقبة فعلية على طريق عملية السلام هو أحد الأوراق التي من غير المتوقع أن تفرط دمشق فيها قبل أن تقبض الثمن السياسي الذي تطالب به، إن في لبنان، وإن في العراق، وإن في هذه المنطقة وفي الإقليم كله.

سيلتقي الفلسطينيون في القاهرة في جولة جديدة في الخامس والعشرين من هذا الشهر، والمؤكد أنهم سيخرجون كما خرجوا من كل الجولات الماضية وهم أكثر تمزقاً وتباعداً واحتراباً إن لم يأت الضوء الأخضر من دمشق مسبقاً، ولهذا فإن المخابرات المصرية قد أرسلت وفدها الذي أرسلته إلى العاصمة السورية قبل أيام لا لمحاورة الفصائل الفلسطينية المتمركزة هناك، بل لاستطلاع حقيقة المطالب السورية عبر القنوات الأمنية مادام أن القنوات لا هي سالكة ولا آمنة.

هناك الآن ضغط هائل من قبل الأميركيين على كل الدول العربية القادرة على التأثير في طرف من أطراف هذه المعادلة الفلسطينية البائسة وبخاصة مصر لإنهاء هذا الانقسام بأي شكل من الأشكال وأي صورة من الصور، والهدف هو سحب حجة عدم وجود الطرف الفلسطيني الذي من الممكن مفاوضته التي يتذرع بنيامين نتنياهو بها للتهرب من العملية السلمية، ولذلك ولأن سورية تملك مفتاح هذه العقدة، فإنها تطالب الولايات المتحدة بثمن إعطائها هذا المفتاح لحل هذه العقدة.

إن ما تريده سورية ثمناً للورقة الفلسطينية التي تملكها والتي يشعر الأميركيون ومعهم العرب العاملون على خط إنهاء هذا النـزاع الفلسطيني - الفلسطيني بأنهم الآن وفي هذه المرحلة الدقيقة في أمس الحاجة إليها، هو دور مؤثر في لبنان وفي العراق وأيضاً في الإقليم كله، فدمشق التي ترى أنها رقم رئيسي في معادلة هذه المنطقة يهمها هذا الأمر بقدر أهمية استعادة الجولان حتى حدود الرابع من يونيو 1967 وربما أكثر.

تشعر دمشق ورغم كل ما حصل وما يحصـل في إيران بأن كل الآخرين في حاجة إليها، من الأميركيين إلى الأوروبيين إلى كل العرب الذين يسعون إلى توحيد الفلسطينيين ليكون هناك انفراج في العملية السلمية على المسار الفلسطيني، ولذلك فإنها متسلحة بهذا الشعور أخذت تبدي كل هذا التشدد، وأخذت تطالب بما تطالب به، وأوله أن يتضمن الثمن الذي تريده مجالاً سياسياً حيوياً في إقليم الشرق الأوسط.

عندما يثبت أنه من غير الممكن أن يشهد الوضع الفلسطيني أي انفراجة ما لم يصدر ضوء أخضر من دمشق، وأنه من المستحيل أن يشكِّل سعد الحريري الحكومة التي يعمل على تشكيلها ما لم ينتهِ "الفيتو" السوري، فإنه أمر طبيعي أن تلوذ سورية بكل هذا التشدد، وأن تصر على ما تصر عليه، ومن ضمنه أن تستعيد جزءاً من الدور الذي كانت تلعبه على الساحة اللبنانية قبل انسحاب قواتها من هذا البلد بالصورة المعروفة في عام 2005، والحجة أن لبنان يشكل خاصرتها الأمنية الرقيقة والضعيفة.

كاتب وسياسي أردني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top