ردُّ فعل حسن نصرالله على فوز قوى الرابع عشر من آذار في الانتخابات اللبنانية الأخيرة يدلُّ على أنه، ومعه حلفاؤه الداخليون والخارجيون، لم يقبل بالهزيمة وأنه لن يستسلم لها، وأن الصراع قد انفتح على أبشع الاحتمالات وأسوئها، وأن لبنان، إن لم تتدخل العناية الالهية، سيكتوي بنيران حرب جديدة كان حزب الله قد حدد ملامحها الطائفية والجغرافية، عندما أرسل "مغاويره" في السابع من مايو عام 2008 ليقتحموا بيروت الغربية بأبشع الطرق والأساليب البربرية.
كان حسن نصرالله على اعتاب هذه الانتخابات، التي كان يعتقد حتى حدود اليقين أنه سيحقق لحلفائه في فسطاط الممانعة فيها نصرا إلهيا جديدا، قد وصف ذلك اليوم الشائن الذي اجتاحت فيه قطعان حزبه بيروت الغربية بأنه من أعظم أيام التاريخ، وهذا قد فُهم في لبنان وعلى مدى المنطقة العربية وفي العالم كله على انه هزٌ للعصا أمام أنوف حلفاء الرابع عشر من آذار، وان هذا اليوم سيتكرر إن لم تأت نتائج صناديق الاقتراع وفقا لحساباته وحسابات الذين خاض من أجلهم، ومن حساباتهم كل المعارك التي خاضها على الجبهتين الداخلية والخارجية.عندما يقول حسن نصرالله في رد فعله، الذي وصف فيه "الطرف الآخر" بأنه فاز بالاغلبية البرلمانية، بينما فاز حزبه وحلفاء حزبه بالاغلبية الشعبية، إنه على تحالف الرابع عشر من آذار ان يستفيد من التجارب الماضية، وألا يخطئ في تحديد أولوياته، فإنه يذكر بذلك اليوم "العظيم" الذي اجتاحت فيه قطعان حزب الله بيروت الغربية، ويقول لهؤلاء المنتصرين إنه عليهم ألا يحاولوا المس بالمعادلة القائمة التي تكرست في اتفاق الدوحة الذي عنوانه الثلث المعطّل وبقاء سلاح المقاومة.وهكذا فإن ما هو واضح كل الوضوح في كل ما قيل قبل الانتخابات وما تواصل قوله بعدها وبعد فوز قوى الرابع عشر من آذار فيها، ان المواجهة قادمة لا محالة، وانه إذا حاول المنتصرون ترجمة انتصارهم بالسعي إلى انهاء صيغة دولة حزب الله القائمة الآن داخل الدولة اللبنانية فإن غزوة السابع من أيار ستتكرر، وان لبنان كله سيدخل دوامة حرب أهلية طاحنة جديدة إن لم تقبل الاكثرية بكل شروط الاقلية، وتقبل بالثلث المعطل وبعدم المس لا بسلاح المقاومة ولا بمكانتها.بالحرف الواحد، قال رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني محمد رعد، بعد ان تأكدت هزيمة حزبه وثبت انتصار تحالف الرابع عشر من آذار: "على الاكثرية العائدة الى البرلمان ان تتعهد بعدم المس بسلاح المقاومة، وان تؤكد ان العدو هو اسرائيل، وان هذه المقاومة غير قابلة للتفاوض وان سلاحها شرعي"، وهذا يعني انه على العرب ان يعدوا انفسهم لـ "دوخة جديدة"، فهذا الكلام واضح كل الوضوح ومعناه ان المنهزمين يرفضون الاعتراف بهزيمتهم، وانهم يصرون على تحويل انتصار المنتصرين الى هزيمة.لن تستسلم ايران لهذه الهزيمة وكذلك سورية، ويقينا انه إن لم تحصل ايران على ما تطمح اليه في هذه المنطقة والزام الولايات المتحدة بهذا، إما بالتفاهم أو رغم أنفها وإن لم تعط سورية مقعدا أماميا في قطار التسوية، فإن لبنان لن ينعم طويلا بهذا الانتصار، وإن فرح اللبنانيين المنتصرين لن يطول فها هي أصوات طبول الحرب باتت تقترب، وها هي الحرب الاهلية باتت تطل من كل الأبواب ومن كل النوافذ. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
الانتصار المكلف
11-06-2009