وصلني هذا التعقيب من الزميل د. طارق العلوي على مقالتي السابقة حول التأمينات الاجتماعية، وأنشره كما هو:
«قراءة مقالة الدكتور ساجد العبدلي كانت مثل حلم جميل يتحقق، فما نادى به الدكتور ساجد من ضرورة إناطة الأمر بـ»جهة محايدة» للتحقيق في الادعاءات حول فساد التأمينات وتبرئة البريء وإدانة المفسد هو أقصى ما نتمنى! فعندما صوّر البعض أننا نريد «رأس الرجعان» فقد شطحوا ونطحوا في تصوراتهم، فنحن لا نريد إلا رأس «الفساد» فقط!وموضوع التأمينات ليس بجديد حسب ما يدعي البعض، فقبل سنتين استطاع النائب السابق أحمد المليفي التنبؤ «ببراءة» التأمينات من عمولات الحساب الغامض (رقم 2211009106z)، لكن تنبؤه هذا كان ذماً وليس مدحاً في التأمينات، حيث ذكر في تصريح للقبس بتاريخ 12-2-2008 أنه سيحمّل الوزير المساءلة السياسية والجنائية لأنه تخلى عن مسؤولياته. إذ بدل أن يوقع وزير المالية مصطفى الشمالي عقد تكليف مكتب تحقيق عالمي لكشف صاحب الحساب الغامض، ترك لأحد قياديي المؤسسة مهمة توقيع العقد وتزويد مكتب التحقيق بالمعلومات واستلام التقارير النهائية (فصار هذا القيادي هو الخصم والحكم)!ونحن إذ سعدنا ببراءة التأمينات (حسب تصريح مدير التأمينات) من تهمة العمولات، فإننا نرجو من مدير المؤسسة نشر تفاصيل «عقد» تكليف المكتب العالمي والتقرير النهائي لنؤكد للنائب السابق حيادية التحقيق، وأن جميع الإجراءات قد اتخذت لمحاولة كشف صاحب الحساب الغامض! لا كما يدعي النائب الفاضل أحمد المليفي من أنه أمر دبر بليل!أما إيحاء مدير عام التأمينات في رده بأن المؤسسة من أنجح مؤسسات الدولة وأنها لم تحقق أي خسائر منذ إنشائها حتى عام 2008، ولهذا فإن خسارة ما يزيد على المليار وثمانمئة مليون دينار في سنة واحدة فقط هي «قطرة» خسارة في بحر متلاطم من الأرباح. فهذا كلام مضحك حتى لمن لا يعرف شيئاً في الاقتصاد. فإذا تأثرت سلباً «رواتب المتقاعدين والأرامل» سواء كانت الرواتب الحالية أو رواتب الأجيال القادمة، ففي أي بنك سنصرف كلام وزير المالية من أنها مجرد «خسائر دفترية»! ولهذا أجيب مدير التأمينات بأن مؤسسة التأمينات ليست مثل بقية مؤسسات الدولة، فهي تستقطع من رواتبنا وفيها ستكون رواتبنا التقاعدية، ومن حقنا أن نقلق وأن نسيء الظن بهم، ومن واجبهم طمأنتنا بالأرقام ومن قبل جهات «محايدة» بأن استثمارات المؤسسة لا يشوبها فساد أو تنفيع، لا أن يصرح لنا بعض أصحاب المصلحة بكلام إنشائي مثل: «كله تمام يا فندم... شوية خسائر دفترية وحنخلص عليها»!وأخيراً لنا عتب على «الحساد والعذال» الذين دفعوا مدير التأمينات للتصريح بأنه «لم يتضمن تقرير ديوان المحاسبة عن السنة المالية 2008/2009 أي مخالفات، وإنما ما ورد بهذا التقرير كان عبارة عن ملاحظات»! وكلام المدير صحيح 100%، فالديوان لم يذكر كلمة «مخالفة» وانما ذكر كلمة «عدم التزام». وعلى سبيل المثال ففي ص254 يؤكد الديوان على «ملاحظته» بأن المؤسسة «لم تلتزم» بالدستور والقانون لإظهار الحسابات المالية الختامية للمؤسسة على حقيقتها»! وفي ص258 يذكر الديوان «ملاحظة» أن التأمينات «لم تلتزم» بقرارات مجلس الوزراء ووزير المالية فيما يتعلق بإنشاء المحفظة الوطنية! وفي ص271 يذكر الديوان بأن المعلومات التي قدمتها المؤسسة «تتعارض» مع ما اكتشفه الديوان عند الفحص على استثمارات المؤسسة، حيث اكتشف الديوان أن المؤسسة «تجاوزت حد المخاطرة المسموح به في بعض الصناديق الاستثمارية»! وإذا استبدلنا كلمة «لم تلتزم» بكلمة «خالفت» سنجد أن المؤسسة «مخالفة للدستور والقانون» في طريقة الحساب الختامي للمؤسسة... «مخالفة لقرار مجلس الوزراء ووزير المالية» في ما يتعلق بالمحفظة الوطنية... «مخالفة لقرارات الخدمة المدنية» في ما يتعلق برواتب السيد فهد الرجعان ونائبه وطريقة التوسع بهيكل المؤسسة الوظيفي والتي يخشى ديوان المحاسبة أن تتحول إلى مجرد وسيلة لاستحداث إدارات جديدة لتنفيع البعض وترقيتهم... «مخالفة للوائح مؤسسة التأمينات نفسها» بإعطاء ملايين الدنانير لإحدى الشركات لاستثمارها مع أن هذه الشركة غير مرخصة لذلك!وهذا غيض من فيض من «المخالفات»... عفوا أقصد «الملاحظات» التي ذكرها ديوان المحاسبة في تقريره والتي يزيد عددها على عدد الشيب في رأسي!وأنا هنا أذكر كل هذا الكلام لأبيّن أن ردود التأمينات الاجتماعية غير مقنعة بتاتاً، ولهذا فإنني أؤيد وبشدة ما ذهب إليه الدكتور ساجد العبدلي، وأطالب بتحويل ملف «التأمينات» إلى لجنة حماية المال العام في مجلس الأمة للتحقيق في كل الاتهامات الموجهة للمؤسسة.وختاماً أود أيضاح نقطتين: الأولى، أنني مع محاسبة المخطئ والمقصر، لكن هذا ليس هدفي «الأول»، فالهدف الأول والأساسي عندي هو إعادة النظر في تشريعات المؤسسة بطريقة تغلق أبواب الفساد والتلاعب وتجعلنا نطمئن على استقطاعاتنا ورواتبنا التقاعدية، أما إزالة قيادي معين وإحلال قيادي آخر بدله لكن بنفس قوانين وتشريعات المؤسسة الحالية... فكأنك يا «بوزيد» ما غزيت! والنقطة الثانية هي إزالة اللغط الذي مازال قائماً حول تقاعس النائب مسلم البراك عن التأمينات، والصحيح أن النائب مسلم البراك قد اتصل بي مراراً وتكراراً وأكد استعداده للمساءلة، بل أعطاني حرية صياغة الأسئلة المناسبة. ولذلك، فإن اللوم يقع عليّ بالكامل لتأخري في الرد على «بو حمود»، وعذري في ذلك أنني كنت منشغلاً بالدفعة الأولى من الأسئلة والتي تم تسليمها بالفعل للعم أحمد السعدون، وقد اتصلت اليوم بالعم أحمد السعدون مستفسراً عن الأسئلة البرلمانية، فطمأنني بأنها في طور اللمسات الأخيرة من الصياغة وسيتم طرحها على وزير المالية قريباً... وتقبل خالص تحياتي».
مقالات
العلوي معقباً على مقال التأمينات الاجتماعية
16-02-2010