استجواب الرئيس... 
لعبة سياسية لا أكثر!


نشر في 08-12-2009
آخر تحديث 08-12-2009 | 00:01
 د. ساجد العبدلي يفترض أن يكون اليوم هو موعد مناقشة الاستجواب المقدم من النائب فيصل المسلم لرئيس الحكومة، ولا أدري ما إذا كانت الحكومة ستطلب التأجيل لمدة أسبوعين أو أن الرئيس سيصعد المنصة فعلاً، وما إذا كانت ستطلب جعل الجلسة سرية أم لا؟ فكل الاحتمالات واردة، والمسألة برمتها، من مبدئها إلى منتهاها، لعبة وتكتيكات سياسية ليس إلا.

على كل حال، وقبل كل شيء، أظن أن من المهم أن أقول بأني من حيث المبدأ مع «علنية» جلسة الاستجواب، هذا إن هو تم حقاً ولم تحصل أي مفاجآت، فموضوع الاستجواب المطروح من النائب الفاضل فيصل المسلم، وبالرغم من كوني كتبت سابقا عن عدم قناعتي بجدواه، وأنه كان الأحرى بالنائب الفاضل لو كان انصرف إلى قضايا أكثر أهمية ليجعل منها محاور لاستجوابه «الثاير ثاير»، فإني مع «العلنية» لأن من الأجدر على رئيس الوزراء- مادامت الحكومة قد أعلنت مواجهتها لكل الاستجوابات وقبول صعود المنصة- أن يفنّد علناً ما جاء به النائب المسلم، ولو بكلام مختصر.

لكن رأيي هذا لن يعطيني الحق لأصادر حق الحكومة بالمطالبة في جعل الجلسة سرية، لأنها إن لجأت إلى ذلك، فهي تسير وفقاً لما هو منصوص عليه في الدستور في المادة (94) حيث أعطاها الحق بطلب سرية أي من الجلسات.

نعم، صحيح أني سأرى توجهها هذا تكتيكاً سياسياً خاطئاً، لكنني سأبقى مدركاً أن المسألة برمتها، وكما ذكرت في المقدمة، تكتيكات سياسية خاضعة للتقديرات الشخصية، ومن حقها أن تفعل ما تريد انطلاقاً من رؤيتها وحساباتها مادام أنه يتفق مع اللوائح، كما أن ما يعطيها الحق في ذلك أكثر هو أن النائب الفاضل فيصل المسلم، هو بنفسه من ابتدأ لعبة التكتيكات السياسية في هذه الجولة، فهو من يرفض الكشف عن اسم من استلم الشيك المزعوم، وهو من لم يكشف أوراقه بكل شفافية وعلنية ويضعها جميعا على الطاولة ويصيح ها أنا ذا!

ما يجب أن يُنتبه إليه هنا هو مفارقة أن البعض قد حاول خلال الأيام الماضية أن يزيد من اشتعال نار «الغضب» شعبياً تجاه الحكومة، لأنها قد تطلب «سرية» جلسة الاستجواب، بالرغم من أن ذلك من حقها وفقاً للدستور، وتعامى هؤلاء البعض عمداً عن حقيقة أنه سيُترك البت في هذا الطلب في النهاية لتصويت أعضاء البرلمان، وأن من سيصوتون مع طلب الحكومة هم نواب انتخبهم الناخبون عبر صناديق الاقتراع من خلال انتخابات حرة، أي أنهم وبكلمات أخرى يمثلون إرادة شعبية بشكل من الأشكال... أليست هذه مفارقة صارخة حقاً؟

إذن أليس من الأجدر بهؤلاء الصائحين «نبيها علنية» وباعتبار أنهم يقولون إنهم يمثلون الإرادة الشعبية، وقبل الشروع في «تخوين» الحكومة ورئيسها وتخوين كل من يقترب منهما، أن يعالجوا اختياراتهم الانتخابية أولاً، أو أن يعترفوا، وهذه هي الحقيقة، بأنهم لا يمثلون إلا قطاعاً واحداً من قطاعات الشعب، وأن هناك قطاعات شعبية أخرى لا توافقهم على ما يصيحون به؟

ما أراه هو أن ما حصل خلال الأيام الماضية من تحركات للبعض، كحملة «نبيها علنية»، وحملة «ارحل نستحق الأفضل»، أتى وكأنه يقول إن هؤلاء يعترفون، بلا وعي منهم، بعجزهم عن إيصال نواب قادرين على استجواب الحكومة ورئيسها على خلفية القضايا الكبرى، فقرروا تجاوز البرلمان ونوابه والقفز في الشارع للصياح «ارحل نستحق الأفضل»، وأتى كذلك ليقول إنهم بدلاً من الالتزام بقواعد اللعبة السياسية واحترام الدستور الذي أعطى الحكومة حق طلب سرية الجلسات، يمارسون الابتزاز السياسي تجاه كل من تسوِّل له نفسه أن يقف مع «سرية» جلسة الاستجواب، بل جعله من المشتبه فيهم!

هل ترون الآن كيف أن المسألة برمتها لعبة سياسية لا أكثر؟ وأنها في نهاية الأمر عبثٌ؟!

back to top