بوسالم يستحق الافضل

نشر في 06-06-2010
آخر تحديث 06-06-2010 | 00:00
 عبدالمحسن جمعة حسناً فعلت الجهة المعنية، بإطلاق اسم المغفور له بإذن الله الشيخ صباح السالم الصباح أمير الكويت الثاني عشر، والثاني من سلسلة الأمراء بعد الاستقلال، على المدينة الجامعية الجديدة (الشدادية)، خصوصاً أن بوسالم، كما كان يحلو للشعب الكويتي أن يطلق عليه، وذلك لقربه من الناس وروحه الشعبية، هو من افتتح جامعة الكويت، وأطلق الحياة الجامعية في البلاد منذ أكثر من أربعين عاماً، ولكن شتان بين ما افتتحه بوسالم في عام 1966 من صرح جامعي يحمل مفاهيم الحداثة والانفتاح، والمدينة الجامعية المزمع افتتاحها في عام 2015، التي تمثل عكس ذلك تماماً، من روح الانعزال والردة الفكرية والاجتماعية والعزل الجنسي.

المسخ الأكاديمي الذي سيبنى في الشدادية سيكلف الدولة ملياراً و600 مليون دينار (6 مليارات دولار أميركي)، منها 300 مليون دينار إضافية (مليار دولار) من أجل فقط فصل الذكور عن الإناث في الحرم الطبي (كلية الطب وكلية الطب المساعد)، وذلك يعني ببساطة أنه إذا كانت هناك حالة مرضية نادرة يجب أن يطلع عليها الطلبة (إناثاً وذكوراً) فيجب أن تكون طوال الوقت على «ويل شير» بمعية «بورتر» من الجنسية الآسيوية، ليركض بها بين أقسام الإناث والذكور من الطلبة ليطلعوا عليها وعلى تطور حالتها العلاجية والسريرية، بالإضافة إلى إشكاليات قضايا المختبرات والعينات والتمريض... الخ.

ما يحدث بالطبع عبث سينهي المستقبل الأكاديمي والبحثي لجامعة الكويت التي تحتل حالياً المركز 2781 بين جامعات العالم المصنفة، وسيجعل آلاف الطلبة من شبابنا في جميع التخصصات، لا الطب فقط الذي ضربت به مثالاً، يحصلون على تعليم ضعيف من جامعة مبعثرة، وهيئتها الأكاديمية منهكة في عبور البحيرات الاصطناعية الضخمة التي ستنشأ في الشدادية لتفصل الطلاب عن الطالبات، وتعزلنا في نفس الوقت عن العصر وروحه، في الوقت الذي تسبقنا فيه دول استخلصت من تجاربها السابقة أن نظام العزل قد أضعف قدرتها على التطور الأكاديمي أو البحثي، وتسعى حالياً إلى الحداثة والإنجاز، كما شهدنا في جامعة الملك عبدالله في المملكة السعودية الشقيقة.

لذلك أتطلع وكثيرين من الأكاديمية العريقة وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي د. موضي الحمود إلى ألا تشارك في استكمال هذا المسخ الأكاديمي، ولا تضع توقيعها لاعتماد صرف ميزانيته الضخمة من المال العام، وأن تفكر ملياً بعد أن تنحي عن مخيلتها إغراءات كرسي الوزارة الوثير ولقب «المعالي» وامتيازاته، ويكون لها موقف وكلمة فارقة في مجلس الوزراء عن أثر ما سينشأ في الشدادية في مستقبل التعليم الجامعي والبحث العلمي وقدرات وإمكانات الهيئة التدريسية على تقديم تعليم حديث ومتطور فيها، وتطلب تعديل قانون الجامعة الجديدة والتعليم الجامعي، وإلغاء المواد التي تنص على منع الاختلاط، حتى لو رفضها مجلس الأمة، فتثبت بذلك موقفاً تاريخياً ينقذ الأجيال المقبلة، كما فعل عميد الأدب العربي والمفكر العظيم د. طه حسين في أربعينيات القرن الماضي، عندما اشترط أن يكون مرسوم تعيينه وزيرا للمعارف مقترناً بمرسوم ملكي بمجانية التعليم ودعم خططه لمحاربة الأمية في مصر، وهذا ما حدث بالفعل، وكذلك مواقف زميلها السابق في الكويت د. حسن الإبراهيم القوية في الثمانينيات الرافضة لتسليم المناصب التربوية للإخوان المسلمين والأصوليين المتشددين، والتي جعلته مستهدفاً حتى تخلى عن مقعده الوزاري متعففاً، فهل تفعلينها يا دكتورة وتسجلين موقفاً تاريخياً بعيداً عن حسابات الاستجوابات وعدد أصوات طرح الثقة...؟! لأن وطنك يستحق الأفضل وكذلك بوسالم- رحمه الله- يستحق صرحاً جامعياً ذا مضمون يليق باسم سموه.

* * *

تسمية الجمهورية الإيرانية الصديقة للسيد محمد جلال فيروزنيا سفيراً جديداً لطهران في الكويت هو قرار غير موفق، بسبب اقتران وجوده كسفير في البحرين واليمن بأحداث طائفية وقلاقل، لذا نتمنى أن تراجع القيادة الإيرانية ذلك القرار، ولا تضع الحكومة الكويتية في حرج قد يتسبب في «أذية» العلاقات المتطورة بين البلدين التي شهدت زيارات على أعلى المستويات وتوقيع اتفاقيات مهمة، أما كلام السفير علي جنتي المنتهية مدته عن الكتاب والصحافيين الكويتيين، وتصنيف بعضهم بالصهيونيين فهو لا يستحق الرد عليه، ولا يصدر حتى من دبلوماسي مبتدئ.

* * *

إشادة وتقدير للطبيب الجراح د. باسل السميط في مستشفى مبارك الكبير على تعامله الراقي والإنساني مع المرضى، وأسلوبه المميز مع كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة... كثّر الله من أمثالك وجزاك الله عنهم خير الجزاء. 

back to top