الديلر... صعود ومخاطر ومصائر!

نشر في 14-06-2010
آخر تحديث 14-06-2010 | 00:00
 محمد بدر الدين تكسب السينما المصرية بفيلم {الديلر} مخرجاً جديداً يتقن حرفته هو أحمد صالح، الذي أكد تمكنه من خلال سيناريو وبناء درامي متماسك كتبه السيناريست البارز مدحت العدل، وقد استطاعا مع فريق العمل، تقديم فيلم مشوق، ينتمي في النهاية إلى سينما الترفيه السائدة ضمن سينما الحركة (الأكشن) وأجواء العصابات الكبرى التي تتاجر بالمخدرات والسلاح.

قيمة الفيلم ليست في إضفاء معنى ومغزى على هذه النوعية، أو إضافة مضمون فكري على درجة معقولة من العمق والتأمل (للأسف لم يتمتع الفيلم بهذه الميزة)، إنما في جودة تنفيذ الأجواء التي تدور فيها الأحداث وتتحرك عبرها الشخصيات، من هنا يمكن القول إن الفيلم جذاب ويتضمن إيجابيات، لكن في حدود الفيلم التجاري.

مع ذلك فلا بأس، لأن الأفلام التجارية هي الغالبة في السينما الحالية وفي المراحل كافة، إلا أنها ضعيفة في معظمها وتجنح إلى الاستسهال، وقلة منها يحرص صناعها على التدقيق والعناية الحرفية والدرامية.

توافقت عناصر الفيلم الفنية وتناغمت بصورة واضحة، لتصنع في النهاية من {الديلر} فيلم تشويق متقناً، من التصوير (سامح سليم)، إلى المونتاج (حسن التوني)، إلى الديكور (فوزي العوامري)، إلى الموسيقى (مودي الإمام).

كان أحمد السقا وخالد النبوي في أحسن حالاتهما، أما مي سليم فيعد دورها في {الديلر} بمثابة اكتشاف حقيقي لها كممثلة ذات حضور وأداء مقنع قابل لمزيد من النضج، كما يبدو بوضوح.

يبدأ الفيلم بطفلين خصمين لدودين، يتعاركان باستمرار في ظل ظروف بيئية طبقية بالغة القسوة والفقر والتخلف، وسيظلان خصمين في تناطح لا يهدأ حتى بعد أن يصيرا شابين، يوسف الشيخ (أحمد السقا) وعلي الحلواني (خالد النبوي)، فيتنافسان على حب سماح (مي سليم)، التي تعيش في الحارة نفسها وتكاد ظروفها تقترب من أجواء ما يعرف {بالعشوائيات} في قاهرة هذه الآونة.

تعمل سماح في إحدى فرق الرقص التي تقرر السفر لتقديم عروض في الخارج، حينها يجن جنون الشابين ويسعيان إلى السفر معها، في محاولة لفتح طريق جديد ينتشلهما من واقعهما الكئيب.

ينجح علي في إقناع سماح ويرتبط بها بورقة زواج عرفي في حين يتعثّر يوسف في مسعاه، بل ويسجن بسبب وشاية يتقدم بها علي ضده قبل سفره إلى أوكرانيا.

عندما يخرج يوسف من السجن يتمكن، بمعاونة عم حسن (سامي العدل)، من الدخول بصورة غير شرعية إلى تركيا، وبمساعدة فرحات المغربي، الذي خبر دهاليز حياة العصابات في تركيا، يتسلل يوسف إلى الحياة نفسها، وتبدأ رحلة صعوده وازدياد نفوذه في تلك الأجواء مع كل خطورتها، بالتوازي تبدأ رحلة صعود علي في ظروف وعصابات مماثلة، تتاجر بأخطر ما تتاجر به العصابات الكبرى: المخدرات والسلاح.

تقع سماح، التي تصطحب علي إلى أوكرانيا، فريسة المخدرات التي تتاجر بها العصابة، لكنه لا يأبه كثيراً لعلاجها والعناية بها بقدر ما يهتمّ بطفله منها مصطفى.

يصادف يوسف، أثناء مهمة له في أوكرانيا، سماح في ملهى حيث تعمل راقصة بعدما تركها علي وحيدة، وعلى رغم المرارة التي يشعر بها بسبب زواج سماح من علي، إلا أن حبه القديم يتغلب فيغفر لها ويعالجها ويتزوجها، إلى أن يلتقي علي مجدداً فينشب بينهما صدام عنيف هو الأخير قبل نهاية الفيلم.

ليس المهم هنا مصائر الأبطال الثلاثة، بل المهم هو أن {الديلر} استطاع أن يجذب مشاهده، من دون ملل أو استسهال فني، من مشهد البداية إلى مشهد النهاية!

back to top