تفيد المؤشرات بأن وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد سيحظى اليوم بثقة النواب بفارق خمسة أصوات على أبعد تقدير، كما تضاربت أنباء حتى مساء أمس عن نية عدد من النواب الامتناع عن التصويت على الطلب، وهو ما سيتم تأكيده اليوم تحت «قبة عبد الله السالم».

Ad

منذ قدم النائب مسلم البراك طلب استجوابه لوزير الداخلية والبلد منقسم، وزاد من ذلك دخول الفرز القبلي الحضري كعامل جديد على العمل السياسي، فغابت الرؤية واختلطت الأوراق، وهذه جميعها يتحملها النائب المستجوب وفريقه.

النائب مسلم البراك قبل أن يدخل جلسة الاستجواب كان يبحث عن مؤيدين لطلب طرح الثقة، وهو ما كشفه سجاله مع النائب عدنان عبدالصمد، أي أن البراك أعد استجواباً يريد من ورائه إقصاء الوزير قبل أن يصعد المنصة.

أضف إلى ذلك، أن هناك تسعة نواب من أصل عشرة قدموا طلب حجب الثقة عن الوزير هم من أبناء القبائل، وثمانية منهم تلاحقهم قضايا تختصمهم فيها وزارة الداخلية بشبهة ضلوعهم بالمشاركة والتنظيم لانتخابات فرعية، ومن بينهم طبعاً مَن تصادم مع قوى الأمن العام الماضي في انتخابات 2008 في منطقتي الصباحية والفروانية، ناهيك عن وجود نائبين من بين مقدمي الطلب، تم اعتقالهم من قبل جهاز أمن الدولة قبل أربعة شهور.

الاستجواب وفقاً لهذه المعطيات شخصاني، وهذا تقديري الشخصي، ودوافعه المبطنة معروفة من أسماء مقدمي طلب حجب الثقة، أما محاوره المعلنة، فهي لذر الرماد في العيون، وهذه أيضا بحسب تقديري الشخصي، لأن النائب مسلم البراك نفسه اتخذ موقفاً مغايراً لموقفه اليوم، في مسألة الدفاع عن المال العام، حينما استجوب النائب عبدالله النيباري وزير الدولة لشؤون البلدية محمد شرار، على خلفية مشروع لآلئ الخيران، ولن أتطرق أيضاً إلى النائب الذي اعتبر استجواب النائب فيصل المسلم لرئيس مجلس الوزراء على ملف التجاوزات المالية المنسوبة إلى ديوان رئيس الحكومة، قبل ثلاثة شهور، غير مستحق، لأن الشيخ ناصر المحمد أحال الملف إلى النيابة، ثم عاد وأيَّد استجواب وزير الداخلية، الأسبوع الماضي، لأن «الإحالة للنيابة كلام ماخوذ خيره»، فقط لأن الحسبة هنا سياسية بحتة، وليست منطلقة من مبادئ، واتخاذ المواقف حق مكفول للكل، شريطة عدم مصادرة حقوق الآخرين في اتخاذ مواقف مغايرة أو معاكسة.

كل هذا حقيقة لم يعن لي كثيراً، ففي كل أزمة ننقسم إلى فريقين، وتختلف المواقف باختلاف متخذيها، كل منا يرى الصورة من زاويته، لأن ما يحدث هو عمل سياسي، وفي السياسة كل شيء قابل للتغيير حتى المواقف.

إن ما آلمني بالفعل، ظهور النائب مسلم البراك على قناة «الوطن»، وهذه تحسب عليه، لأنه أعطى القناة شرعية، وهو الذي حارب مؤسسة «الوطن» وملاكها، في ندواته الانتخابية، ومداخلاته في البرلمان، وآخرها حينما تطرق للشيخ علي الخليفة واتهمه بأنه هو المستفيد من «حديد الإعلانات»، ثم تعرض النائب البراك لنقد حاد وقاس من رئيس تحرير جريدة «الوطن» الشيخ خليفة العلي، وصمت النائب خالد الطاحوس تجاه ما حدث، كل هذا في سبيل الضغط على النواب لتأييد طلب حجب الثقة عن الوزير.

النائب مسلم البراك حر في اتخاذ أي موقف يريد، وكذلك فريقه ومريدوه، لكن عليهم جميعا التأكد من أن الآخرين لهم أيضاً حقوق متساوية معهم في اتخاذ أي موقف يريدون، حتى لو كانت مخالفة لهم، فلا البراك يملك الحقيقة المطلقة، ولا غيره، أما إذا لم يقر البراك ورفاقه باللعبة الديمقراطية، فحينها سنكون أمام مرحلة سياسية جديدة، عنوانها اختطاف العمل التشريعي والانقلاب على الديمقراطية، وتأسيس نظام جديد بحسب مقاييس التكتل الشعبي، أو مسلم البراك.