بلغت حركة التحرر في إيران قبل عشرة أيام بعداً جديداً، فقد صاح الشجعان في إيران في التظاهرات التي انتشرت عبر البلاد: «سنطيح بيزيد، هذا هو شهر الدم»، مشيرين إلى الخليفة الذي قتل مؤسس المذهب الشيعي، الإمام الحسين. يرمز يزيد بلا شك ضمناً إلى القائد الأعلى علي خامنئي.
يعلم الشعب الإيراني أن للحرية ثمناً وهم مستعدون لدفعه لتعزيز الحرية ونشر الديمقراطية في إيران، لكن رد «المجتمع الدولي» كان مخزياً.بلا شك، أدانت فرنسا على الفور العنف ضد المحتجين المسالمين ودعت إلى «حل سياسي»، بينما دعت إيطاليا إلى مد جسور الحوار مع المعارضة، وفي المقابل، تحدثت الولايات المتحدة وألمانيا عن الحقوق العالمية للشعب الإيراني وذكرتا بأن العالم «سيراقب ولن يغض الطرف»، على حد قول وزير الخارجية الألماني غيدو ويسترويل. بدا هذا الكلام فارغاً بالنسبة إلى الشعب الإيراني، فعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، لم يقم الغرب بأي شيء باستثناء «التغاضي» عن عمليات قمع الإيرانيين، وتعذيبهم وقتلهم، فالتجارة كانت الموضوع الوحيد الذي شغل اهتمامه، لاسيما اهتمام الأوروبيين، واليوم بعد مرور ستة أشهر على نشوء مقاومة قوية إنما سلمية تسعى إلى إطاحة أحد أكثر الأنظمة الاستبدادية وحشيةً في عصرنا، لم يتمكن المجتمع الدولي مع ذلك من وضع حاجات ورغبات ملايين الإيرانيين الذين يتوقون إلى الحرية في صميم سياسته الإيرانية، فلا معنى لكلمات التضامن إن لم يتبعها عمل صارم.منذ انتخابات يونيو المزيفة، لم يعد من مجال للشك في أن هذا النظام غير شرعي بقدر ما هو قمعي، فضلاً عن ذلك، استأنف العالم الحر المفاوضات مع طهران في الفترة عينها التي شهدت انتفاضة شعبية ضد الملالي، وكانت تلك خيانةً مؤثرة للشعب الإيراني ولقيّمنا العالمية على حد سواء، فعلى الرغم من مشاهدة صور ملايين الإيرانيين الذين يخاطرون بحياتهم من أجل الحرية، فإن المجتمع الدولي يرفض الاعتراف بالبديل الديمقراطي، المسالم والناجح عن الحكّام الإسلاميين، ودعمه. لايزال الناس في الغرب يعتقدون أن سبب كل ذلك التزوير الذي تم في عملية إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، ولا يدركون أن ما يجري هو تغيير للنظام يرغب فيه الشعب الإيراني.على مدى الأشهر الستة الماضية، كان من الصعب عليّ تحمل الابتعاد هذا القدر عن البلاد التي أحبها وأشتاق إليها كثيراً، إذ يؤثر فيّ بعمق رؤية الشجاعة والتوق إلى الحرية لدى أبناء بلدي الإيرانيين، الذين ولد ثلثاهم في هذا النظام غير الديمقراطي. لقد ثقّف هذا الجيل الإيراني نفسه ببراعة، بالرغم من، وليس بسبب، الجمهورية الإسلامية التي لا تعلّم المدارس فيها سوى العقيدة الإسلامية.من الواضح أن هؤلاء الشبان الإيرانيين المثقفين، الذين يتواصلون مع العالم بواسطة تكنولوجيا المعلومات الجديدة، يريدون التغلّب على الطغيان، لكن هذه الحقائق لم ترسم يوماً استراتيجية أوروبا تجاه إيران، وفي المقابل، أصرت البلدان الأوروبية على الاستمرار في اعتماد «لغة الحوار» مع جهاز سلطة وحشي لا يحترم حتى مواطنيه، فما بالكم بالغرب؟ لم يكن الحديث عن الحوار إذن سوى تمويه للتغطية على موضوع التجارة وسياسة التهدئة.ومنذ هذا العام، انضمت الإدارة الأميركية الجديدة أيضاً إلى سياسة التهدئة هذه التي برهنت عن فشلها، وكلّفت أبناء شعبي الإيرانيين حياتهم، فضلاً عن أنها جعلت الجمهورية الإسلامية أقرب إلى امتلاك أسلحة نووية، معرّضةً المنطقة برمّتها للخطر.لم يفت الأوان بعد لإعداد سياسة من نوع جديد تجاه إيران، فباراك أوباما هو أول رئيس أميركي ذو جذور إسلامية، لذلك يجب أن يدرك هو دون غيره من القادة الديمقراطيين بأن إيران خاضعة لنظام دكتاتوري واستبدادي وليس لحكم رجال سلام دينيين. فحين تضرب قوات الأمن بوحشية المتظاهرين المسالمين وتقتلهم خلال عاشوراء، لا يكفي أن يترك أوباما لفريقه مسألة إدانة هذه الوحشية. فقد آن الأوان لكي يجد الرئيس الأميركي نفسه الكلمات المناسبة لإدانة القامعين ومساندة المحتجين.أنا محظوظة لأنني أعيش في بلد حر وديمقراطي، لذلك من واجبي ومن واجب جميع الديمقراطيين عدم التزام الصمت بشأن ما يعانيه الإيرانيون، وعدم تخييب آمالهم.* كاتبة إيرانية تعيشفي برلين.
مقالات
خيانة الغرب لإيران
05-01-2010