زمن عبدالله السالم حكاية تنمية إلَّا خمسة!!
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
في سنة 1952 وبعد الارتفاع الكبير لمداخيل النفط على أثر جولة مفاوضات ناجحة خاضها الشيخ عبدالله السالم، تقرر أن تبدأ البلاد خطة تنمية، وكانت تكلفة تلك الخطة 18 مليون جنيه إسترليني، وقد عُهِد بتصميم مخططها الهيكلي إلى مكتب استشاري إنكليزي، ومن دون الدخول في التفاصيل فقد بدأت الخطة بالتنفيع، إذ استحوذت على تنفيذ تلك الخطة خمس شركات بريطانية هي وليام برس وجون هواردز وكيوبتس وكوستنز وأيوبانك.وبالطبع، يقف من وراء أو من أمام لا فرق، وكلاؤها المحليون، الذين بمحض المصادفة، كانوا قريبين من صاحب القرار. وعلى أثر ذلك، بدأت مجموعات تجارية الاحتجاج لدى الحاكم، انطلاقاً من أن خطة التنمية تتم ترجمتها على الأرض من خلال مناقصات وأموال، وأنه من غير الجائز ان يستأثر بتلك الأموال الطائلة (18 مليون جنيه إسترليني في ذاك الوقت كانت أموالا طائلة)، ثلاثة أشخاص كويتيين مُقرَّبين من قصر الحاكم، بعضهم وكلاء لأكثر من شركة من الشركات الخمسة.أزمة الشركات الخمسة عبَّرت عن الصراع المُبكر بين قوى النفوذ ومحاولة عدد قليل أن يستولي على تلك المُخصَّصات ويحرم البقية.اتخذ الشيخ عبدالله السالم قراراً تاريخياً حينها، يتسم بالجرأة، إذ ألغى كل عقود الشركات الخمسة، بعد أن تحرّى واكتشف أنهم وزعوا الكيكة فيما بينهم، في ليلة «ما فيها ضو قمر»، كما يُنسب القول إلى عنترة بن شداد.لم يكتفِ عبدالله السالم بذلك، بل وجه تهديداً إلى تلك الشركات، مفاده أنه قد يمنعها مستقبلاً من التنافس على مناقصات الدولة، وأعاد طرح المناقصات مجدداً، ونتج عن ذلك تنوع كبير في الشركات، وتم بذلك تحريك منطقي وكفاءة عالية لأول خطة تنمية متكاملة، فأين ستتجه خطتنا التنموية الحالية؟ وكيف لها أن تكون متكاملة وليست خطة إلَّا خمسة؟ ويتم إنفاق أموالها لا تحت ضوء القمر، بل في وضح النهار ووضوح الشمس.