المصيبة أن وزارة التربية تتباهى بأنها قامت بإنجازات مهمة في تطوير المناهج وبالأخص في مشروع التعليم الإلكتروني الذي تقدر الميزانية المخصصة له بأكثر من 100 مليون دينار، وأبرز هذه المنجزات حسب تصريحات المسؤولين في الوزارة هو نسخ المناهج الدراسية على أقراص مدمجة، وهو بالتحديد ما يسخر منه «طاش ما طاش».

Ad

تناولت إحدى حلقات المسلسل السعودي الشهير «طاش ما طاش» قبل أيام مسألة التطوير في وزارة التربية السعودية، وما يحدث في المدارس بصورة ساخرة. في الحقيقة دهشت من جراءة الطرح التي عرضت في هذه الحلقة من المسلسل وهي تتحدث عن سيطرة التيار الديني المتشدد على وزارة التربية وخطط التطوير في مجال التعليم الإلكتروني، وتحويل المناهج الدراسية من ورقية إلى نسخ إلكترونية مخزنة على الأقراص المدمجة، وأوردت مقاطع وردت في المناهج عن حرمة بطاقات الائتمان وضرورة عدم استقدام العمالة غير المسلمة، حتى «لا تفسد على المسلمين دينهم».

بعد عرض هذه الحلقة من «طاش ما طاش» أصدر أحد «المشايخ» فتوى بإهدار دم مخرج المسلسل، وهو أمر ليس بمستغرب على أي حال من بعض المشايخ «المتنورين»، بل تعودنا على سماعه في السنوات الأخيرة، وهو دليل واضح على شيوع التطرف الديني في مجتمعاتنا، وهو الذي تسبب في مآس كثيرة أزهقت بسببه مئات الألوف وأريقت دماء الأبرياء، وما يحدث في العراق وأفغانستان وباكستان، ونحن في الخليج لسنا بمنأى عن هذا التطرف بل ربما نحن من صنّاعه ومصدّريه.

ما يهمنا في حلقة «طاش ما طاش» المذكورة أنها تنطبق على واقعنا الكويتي بنسبة كبيرة جدا، وكأنها تتكلم عما هو حادث في مدارسنا وعن الكثير من العقليات المتخلفة التي تعشعش في وزارة التربية. بعد مشاهدتي لحلقة «التطوير» في «طاش ما طاش» قلت لنفسي إذا كان هذا النقد المباشر يوجه إلى مناهج التعليم بما فيها مناهج التربية الإسلامية، وإلى مواضيع حساسة أخرى في مسلسل سعودي، فلماذا تستنفر الحكومة وزارة إعلامها لوقف برنامج «صوتك وصل»، فقط لأنه قلد بعض الوزراء وأعضاء مجلس الأمة، وكأن هؤلاء منزهون عن الخطأ، بينما تسكت لا تحرك ساكناً عندما تؤجج المشاعر الطائفية بواسطة وسائل إعلام أخرى وكأن الأمر لا يعنيها بشيء؟ فهل أن مشاعر الوزراء والنواب أهم من أمن المجتمع؟ وأيضاً لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد عندنا– ونحن البلد «الديمقراطي»- عندما يطالب البعض بضرورة تطوير المناهج، أم أن الكثير من المسؤولين عن التعليم عندنا يتبنى نفس وجهة نظرة أحد «المحافظين» الذي مثل دوره أحد الممثلين في المسلسل بقوله للمسؤول الذي يريد التطوير «إذا تبي تطور في المناهج، طور في مناهج الكيمياء والفيزياء، بس ابعد عن مناهج التربية الإسلامية».

حتى لا يفهم أحد أن النقد كله موجه إلى مناهج التربية الإسلامية، نقول إن النقد موجه إلى المناهج ككل بما فيها التربية الإسلامية، لأنها مناهج متخلفة وبالية وتعود الطالب على الحفظ دون الفهم. كان من المقبول أن يعترف المسؤولون في وزارة التربية بتخلف مناهجنا، لكن المصيبة أن وزارة التربية تتباهى بأنها قامت بإنجازات مهمة في تطوير المناهج وبالأخص في مشروع التعليم الإلكتروني الذي تقدر الميزانية المخصصة له بأكثر من 100 مليون دينار، وأبرز هذه المنجزات حسب تصريحات المسؤولين في الوزارة هو نسخ المناهج الدراسية على أقراص مدمجة، وهو بالتحديد ما يسخر منه «طاش ما طاش»، وهو محق في ذلك، لأن نسخ المناهج على أقراص مدمجة لا يعد تطويراً، وهو أبعد عن التعليم الإلكتروني أكثر من بعد المشرق عن المغرب، لأنه إذا كانت المناهج تعيسة فإن نقلها على أقراص مدمجة لا يحولها إلى مناهج متطورة، بل إن التخلف والتعاسة الموجودة في هذه المناهج سوف تنتقل من الورق إلى الأقراص ليس إلا.

أخيراً، نتمنى على وزيرة التربية د. موضي الحمود أن تفتح ملف مشروع التعليم الإلكتروني في وزارتها لترى العجب العجاب.

تعليق: لاشك أن وفاة السيد عبدالعزيز الحكيم خسارة كبيرة للشعب العراقي، لما يمثله السيد الحكيم من رمز للتضحية ومقارعة الظلم والطغيان، والذي من أجله قدم أكثر من سبعين من إخوته وأبناء عمومته من عائلة الحكيم قضوا شهداء على أيدي جلاوزة نظام صدام. وفاة السيد عبدالعزيز الحكيم ليست خسارة للعراق فحسب، بل هي خسارة للكويت أيضاً، نظراً للعلاقة المميزة التي كانت تربط الفقيد- ومن قبله أخوه شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم- بالقيادة السياسية في الكويت وعلى رأسها سمو الأمير، ونأمل أن يسد السيد عمار الحكيم الفراغ الكبير الذي تركه عمه وأبوه، وأن يسير على نهجهما، وهو أهل لذلك.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء