نواب أمن الدولة
نذر الخطر تتصاعد في المنطقة، ولهيب التصعيد والمواجهة مؤشراته ماثلة للعيان من بوابة فاطمة في الجنوب اللبناني حتى أطراف جزيرتي طنب الكبرى والصغرى في الخليج العربي، ونحن في الكويت في قلب مثلث اللاعبين الكبار في المنطقة، الذين قد يتراءى لهم أن يجعلونا ساحة لجس النبض وتنفيس احتقاناتهم، ولذلك فإن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من الأحداث الأمنية التي نرجو أن تكون الأجهزة المعنية لها بالمرصاد لتبطل مفاعيلها التخريبية والإجرامية قبل حدوثها أو عند وقوع مواجهة كبرى في المنطقة نتمنى ألا تحدث.
ولكن ورغم تجربتنا الصعبة خلال الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، وما شهدناه من مضاعفات أمنية في الداخل الكويتي، فإن الكثير من سياسيينا لم يتعلموا من دروس الماضي شيئاً، وبدأوا في إشعال التوتر الطائفي بتصريحات واتهامات غير مسؤولة عبر الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة ليعيدوا حالة التوتر الطائفي التي كانت قائمة في تلك الفترة، والتي كانت نتائجها سلبية على الجميع، ولم يجبر ضررها إلا كارثة الغزو العراقي التي وحدتنا خلف شعار الشرعية والتحرير الذي جعلنا نطوي تلك الصفحة من تاريخ البلد وانعكاساتها.واليوم يتصارع منتسبو ومناصرو طرفي المشروع الأصولي الإسلامي بذراعيه الطالباني ومرجعية ولاية الفقيه على الساحة الكويتية، لما توفره من حريات وديمقراطية، دون أن يلتفتوا إلى ما قد يتسببان فيه من مصائب لوطنهم، فاستغلال الحوادث الأمنية لتصفية الحسابات السياسية دون إحساس بالمسؤولية هو ما سيضر حقيقة بوحدتنا الوطنية وسيصيبها في مقتل، وتحول بعض النواب إلى ضباط أمن دولة ومدعين عامين يوجهون أصابع الاتهام إلى من يشاؤون هو عبث يصل إلى مستوى التصرفات الصبيانية، التي بدأ ينتج عنها توتر طائفي في البلد سيجعلنا ساحة مفتوحة دون مناعة، مشغولة بسجالات وأهداف شخصية، بينما المندسون يشعلون فيها الفتن وينسجون المؤامرات، لذلك فإن البلد ليس في حاجة إلى أن يشتغل بعض النواب والسياسيين «بارت تايم» ضباط أمن دولة يحللون ويجرون التحريات، ويوجهون الاتهامات إلى أي طرف من الأطراف في البلد، لأن الأحداث تتجه إلى الأخطر الذي يتطلب حكمة وتبصراً يقينا شرر ما سنشهده من تداعيات المشاريع الدينية الأصولية التي تتابع فصولها المأساوية على المنطقة ككل.