إن القائمة طويلة في كشف مواطن الفساد، ولن تكفي كل صفحات الجريدة لوضع أمثلة فقط لما يمكن أن يحتويه السؤال، ولكن كثيرين من هذا البلد مستعدون لمساعدة أي نائب من نواب مجلس الأمة على صياغة مثل هذا السؤال.

Ad

لا أتذكر أني قرأت سؤالا لنائب في مجلس الأمة أو لكاتب من متابعي الشأن العام يوجه إلى وزراء الدولة المعنيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء، عن عقود الدولة ومشاريعها النفطية وغير النفطية، ومن المنتفع بها من الوزراء والشيوخ، وأعضاء مجلس الأمة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر ( ما أكثر الأسماء التي يختفي وراءها هؤلاء، ولكن البنك المركزي قادر على كشف كل مستور). لنعرف كيف، ولمن تذهب هذه العقود، وكيف تم اختيار المستفيدين، وكم قيمة كل عقد، وكيف تمت ترسية هذه العقود؟

الكل يعلم أن الدولة تستأجر مباني كثيرة لوزاراتها وفروعها أو مساكن لموظفيها أو موظفي مؤسساتها وهيئاتها والشركات التابعة لها، ونعرف أن عقود الصيانة والتركيب لجميع الوزارات، وأن هناك خدمات مستديمة تركتها الوزارات للقطاع الخاص مثل خدمات الكهرباء والماء والأشغال العامة والبلدية وغيرها، ونعرف أن الشركات النفطية مشاريعها بالبلايين، فمن سعداء الحظ الذين لا يقام مشروع أو يقر ما لم يكن لهم فيه حصة الأسد؟ ومن مزودو الدولة بالهدايا والورود والسيارات والخدمات الشخصية التي تقدمها الدولة لكبار موظفيها أو زوار الكويت؟ ومن يبلط شوارعنا وأرصفة شوارعنا؟ ومن المحظوظ الذي لونها ويغير ويبدل فيها في كل موسم؟ بل من المستفيد عن بناء المطبات في شوارعنا لمجرد أن يطلبها الساكن أمام الشارع حتى أصبحت كل الشوارع مطبات وكأننا داخلون إلى معسكر للجيش أو منطقة ألغام أو من أمام مدارس أطفال؟ ومن يزين الكويت في أفراحها؟ ومن يحيلها إلى حقل زهور عند انعقاد قممها؟

نسمع أن البلدية بؤرة فساد، وأن أناسا يحصلون بالرشوة على ما لا يحصل عليه أناس شرفاء لا يقدمون الرشوة، فما حجم المخالفات والتجاوزات التي تجاوزت عنها بلدية الكويت أو سمحت بها؟ ولمصلحة من؟ ومن المعتدون على الأراضي العامة؟ وكم من هذه الأراضي اختطفت؟ ولمصلحة من؟ وماذا تم لبحث الفساد في البلدية رغم اعتراف كل المسؤولين في الدولة بحجم هذا الفساد؟ ومن القادر على تغيير حال بعض النواب من العدم إلى الغنى؟ ومن أي جهة تأتي بهذه الأموال؟ وكيف يمنح نواب فوائد ومناقصات وفرصا لا تتاح للشرفاء من النواب أو من أبناء الشعب؟!

إن القائمة طويلة، ولن تكفي كل صفحات الجريدة لوضع أمثلة فقط لما يمكن أن يحتويه السؤال، ولكن كثيرين من هذا البلد مستعدون لمساعدة أي نائب من نواب مجلس الأمة على صياغة مثل هذا السؤال.

إننا نرى ونسمع، لكننا لا نملك الحقيقة، فهل يمكن أن نرى نائبا شجاعا يقدم هذا السؤال لكي نعرف إلى من تذهب الأموال العامة؟ ما رأيكم دام فضلكم؟ هل من جريء وحريص على المال العام يريحنا من تخيل حجم الفساد والتنفيع في دولة الكويت؟ ربما يظهر أننا متحاملون وغارقون في الوهم، وأنه لا حرامية ولا من يحزنون، وكل الأمور تتم بكل نزاهة وطهر، وأن أموال الدولة بأيد أمينة، ونحن الحساد الذين يكرهون الخير لغيرهم... أثبتوا لنا أننا مخطئون!!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة