ثمن رفع اليد وخفضها

نشر في 29-03-2010
آخر تحديث 29-03-2010 | 00:01
 د. بدر الديحاني  نقل العضو الفاضل مسلم البراك، أثناء حديثه في مقابلة مع تلفزيون «الراي»، عن وزير الإعلام ووزير النفط أنه قد سبق أن قال في مقابلة تلفزيوينة مع إحدى القنوات الفضائية «لكل استجواب ثمن، ولكل اقتراح ثمن، ولكل سؤال ثمن، وهناك نواب يتلقون أموالا من جهة خارجية لتشويه الديمقراطية في الكويت، وهذا ما يريده البعض من الدول المجاورة». ثم تساءل النائب البراك، وهو محق في ذلك "أما كان الأجدر أن يطلبوا (يقصد الأعضاء المؤيدين للوزير في الاستجواب الأخير) إثبات ما قاله ويستفسرون عن عدم ذهابه إلى النيابة العامة؟".

ونحن هنا بدورنا نتساءل: ترى هل هنالك كلام أخطر من هذا الكلام الصادر عن وزير في الحكومة؟ نواب فاسدون يتلقون أموالا من جهة خارجية لتشويه الديمقراطية، وحكومة تعرف ذلك لكنها تقف متفرجة!! كيف يقبل أعضاء المجلس بهذه الاتهامات الخطيرة الموجهة إليهم؟ وعلى الطرف الآخر، كيف تقبل الحكومة قيام أحد أعضائها باتهام النواب بتلقي أموال من جهة خارجية لتشوية الديمقراطية من دون أن تحقق في ذلك؟ وهل يعني هذا موافقتها على هذه الاتهامات الخطيرة مع ما فيها من ضرر بالغ على تطورنا الديمقراطي والسياسي، وتدخل سافر في شؤوننا الداخلية؟ ثم ما شكل المسؤولية السياسية للحكومة إن كانت تعرف ذلك فعلا ولا تفعل شيئا تجاهه؟

قد يقول قائل إن الوزير قد ذكر هذا الكلام قبل أن ينضم إلى الحكومة الحالية، ولكن هذا القول «مأخوذ خيره»، فالوزير لم ينف هذه الاتهامات بعد قبوله للحقيبة الوزارية، ولم يعتذر عنها حتى خلال جلسة مناقشة الاستجواب الموجه إليه أخيرا مع أن النائب الفاضل د. فيصل المسلم قد تطرق إليها أثناء مداخلته في جلسة التصويت على طرح الثقة، ما يعني أنه لايزال مصراً على ما قاله، لذا فإن المسؤولية السياسية والأخلاقية تحتم على الحكومة ومجلس الأمة على حد سواء الطلب من الوزير تقديم المستندات التي تثبت ذلك على وجه السرعة، وتحمل ما سيترتب على ذلك من نتائج سياسية لأننا هنا أمام احتمالين خطيرين لا ثالث لهما: إما أن الوزير على حق، وإما أن ما ذكره لا يعدو كونه اتهامات باطلة، وفي كلتا الحالتين فإن هناك فضيحة سياسية من الوزن الثقيل يجب ألا تمر من دون مساءلة سياسية.

كثيرة هي الشواهد التي تدل على حالة العبث السياسي الذي نعيشه في السنوات الأخيرة لكن أن يصل الأمر إلى اتهامات حكومية للنواب بالفساد السياسي وتلقي أموال من جهات خارجية، ثم تمر هذه الاتهامات من غير أن تحقق فيها الحكومة، وتتخذ فيها إجراء فإن هذا الأمر غير مسبوق، وهو ما يدل على أننا قد وصلنا إلى مرحلة سياسية خطيرة تنذر بعواقب وخيمة على تطورنا الديمقراطي وعلى مستقبل بلدنا، لذلك فإن جزءا من المسؤولية يقع أيضا على عاتق القوى السياسية الوطنية كافة، ومنظمات المجتمع المدني التي يتعين عليها المطالبة بالبدء فورا بعملية تحقيق سياسي في هذه الاتهامات الخطيرة، فهل من مبادر؟

back to top