في موضوع الاستقلالية الاقتصادية و»مكافأة المرأة على دورها كأم» كان بالإمكان وضع آلية لتحويل علاوة الأولاد والعلاوة الاجتماعية إلى الأم العاطلة عن العمل عوضاً عن الأب العامل الذي يستخدم هذه الأموال في معظم الأحيان لمزيد من الزيجات وتفريخ المزيد من الأطفال.

Ad

اعتاد عرب الصحراء في الجاهلية على دفن الإناث وهنَّ على قيد الحياة للتخلص من أعبائهن، ولحماية «الشرف الرفيع من الأذى»... ورغم الإسلام وادعاء الحضارة فإن عادة الوأد مازالت حية ترزق بشكليها المباشر والرمزي. ولعل أحدث محاولات وأد الجنس النسائي بأكمله هو ما سُمي تندراً بقانون المرأة.

الطريف إن كل المتقدمين بالصيغ والاقتراحات المختلفة للقانون هم النواب أنفسهم الذين حاربوا قانون حقوق المرأة السياسية وتنبؤوا بدمار المجتمع وانتشار الفسق والرذيلة في حال خوضها المعترك السياسي، وها هم بعد أن فشلوا في وأدها سياسياً يئدونها اجتماعياً بدفنها داخل بيتها بأكوام من المال العام الذي أقسموا على حمايته.

والقانون المقترح يتناقض ويغير سلسلة كبيرة من القوانين والتشريعات والأنظمة القائمة منها على سبيل المثال لا الحصر قانون الخدمة المدنية، والرعاية السكنية، والتأمين الصحي، والتعليم العام، والتأمينات الاجتماعية... إلخ، دون عائد معنوي اجتماعي يذكر للمرأة أو المجتمع، بل العكس تماماً جاءت أغلب المواد لتكرس النمط الاستهلاكي الاتكالي السائد بالإغداق بالإجازات والمزايا كالتقاعد المبكر وغيرها من المغريات الكافية لوأد أي حلم بالمستقبل المهني أو الاستقلال النفسي أو الاجتماعي.

وبقدرة قادر اختفت من القانون كل أشكال حماية المرأة من الاستغلال أو الوصاية أو العنف أو التمييز، وابتعدت عن مخيلات مقدميه مستحقات المرأة الجدية كحقها في اختيار شريك حياتها، والمساواة في حقوق المواطنة والحقوق المدنية وحقها في تكافؤ الفرص في التعيين والترقية والتطوير، وحقها في التعليم والبعثات وتبوء المناصب التي تناسب مؤهلاتها- كالقضاء مثلاً- والمساهمة الجدية في التطوير والتنمية.

ففي موضوع الاستقلالية الاقتصادية و»مكافأة المرأة على دورها كأم» كان بالإمكان- مثلاً- وضع آلية لتحويل علاوة الأولاد والعلاوة الاجتماعية التي تشكل في الوضع الحالي البند الأكبر من رواتب الحكومة إلى الأم العاطلة عن العمل عوضاً عن الأب العامل الذي يستخدم هذه الأموال، في معظم الأحيان، لمزيد من الزيجات وتفريخ المزيد من الأطفال، بدلاً من الاقتراح العقيم بدفع راتب للمرأة ربة المنزل بعبء إضافي على ميزانية الدولة والتأمينات.

القانون بأشكاله الأولية والنهائية طرد ملغوم ويحمل في باطنه عقلية الجاهلية التي تسعى إلى وأد أي ظهور للمرأة خوفاً من «شرورها» وخطرها على فرص الرجل الهشة، والمثير أنه جاء من نفس النواب حملة راية الإسلام الذي هو أول ما حرم وأد البنات!