حتى التفوق العلمي بـ الواسطة!

نشر في 14-05-2010
آخر تحديث 14-05-2010 | 00:00
 د. حسن عبدالله جوهر طالب جامعي كويتي هو الأول على دفعته بجامعة الكويت، وحصل على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ولم تخلُ لائحة الشرف الطلابية من اسمه على مدى أربع سنوات من تحصيله الجامعي، وقد تم ترشيحه مع أوائل الطلبة للتشرف بلقاء صاحب السمو الأمير في حفل تكريم طالما يشتاق له أبناؤنا الطلبة وأولياء أمورهم، ولكن وبقدرة قادر تم استبعاد هذا الطالب من قائمة المكرمين بحجة وجود زميل حاصل على نفس المعدل بالضبط!

طالبة أخرى خريجة كانت الأولى على جميع زملائها بلا استثناء في الجامعة الأميركية وبمعدل 4 نقاط، أي بتفوق متميز يعد من الحالات النادرة، وفي حفل التكريم الذي أقيم في الجامعة، وبينما كانت الطالبة ووالداها بانتظار سماع اسمها أمام الحشد الطلابي ووسائل الإعلام والمسؤولين وأولياء الأمور والإعلان عن كونها الأولى على جميع طلبة الجامعة، وإذا يتم مناداة اسم طالب آخر بمعدل دراسي أقل! فماذا يكون شعورك وأنت تصطحب فلذة كبدك وتنتظر مثل هذه اللحظة التاريخية وتواجه بمثل هذه الصدمة؟ وماذا يكون إحساسك عندما يبرر ذلك بأن الطالبة مجرد «بدون» رغم كون والدتها كويتية الجنسية، والأدهى من ذلك أن من اعتبر الأول على الجامعة من جنسية غير كويتية أيضاً؟!

فهل أصبح التفوق الدراسي بحاجة إلى الواسطة لنيل التكريم والاحتفاء؟ وهل أصبحت معايير اختيار أوائل الطلبة خاضعة لمزاجية واجتهاد المسؤولين؟ وهل يقبل أن يصل النفوذ والمحاباة إلى هذا الحد من المجاملة على حساب كرامة ومشاعر الناس؟ والأهم من ذلك هل يعقل أن مثل هذه الحالات تصل إلى مسامع كبار المسؤولين في جامعة الكويت وفي الجامعة الأميركية، بل على مستوى وزارة التعليم العالي دون أن ترمش لهم عين، وهم في مواقع يفترض أن يكونوا القدوة العليا تربوياً؟!

في الحقيقة، إن هذا النوع من التقصير المتعمد يعتبر إهانة لهؤلاء المسؤولين أنفسهم، وإهانة لقدسية العلم ولمؤسساتهم التعليمية قبل أن تكون إهانة للطلبة المتفوقين وعوائلهم.

ومثل هذا التصرف هو في الواقع طعنة في القلب لسنوات طويلة من المثابرة والاهتمام والتربية الصالحة للأسرة، فكون الطالب يتخرج بامتياز، بل يحقق المركز الأول على جامعة يعني أنه تغذى على التحصيل والدراسة والتفوق منذ الصف الأول الابتدائي، وعلى امتداد مراحل التعليم العام على مدى 12 سنة، ومن ثم 4 سنوات أخرى في الدراسة الجامعية، وبالتأكيد فإن لحظة إعلان هذا التفوق على الملأ قد لا تضاهيها فرحة وشعور بالفخر طول العمر، وإذا بمثل هذه اللحظة تسرق في وضح النهار؟!

ولا أدري ما التعويض اللائق الذي يمكن أن يجبر القلب المكسور لمثل هذين الشابين، ولعل غيرهما ممن لم تصل مظلوميتهم إلى أسماع المسؤولين أو الرأي العام.

وشخصياً آلمتني هذه الجريمة الأخلاقية والتربوية بحق العلم والتفوق وبحق مستحقي هذا التفوق، ومثل هذا الإهمال الجسيم من شأنه أن يطيح بكراسي المسؤولين المتقاعسين، ولكن ونزولاً عند رغبة هذين الطالبين وأسرتيهما بعدم تصعيد هذه القضية سياسياً وبرلمانياً أولاً من باب اليأس من إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء أو إصلاح هذا الخطأ الجسيم، وثانياً خوفاً على مستقبلهما الوظيفي أو بمواصلة دراستهما العليا من الانتقام، نكتفي بالقول فقط: عيب عليكم يا بعض أرباب التعليم!!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top