تابعت باهتمام لقاء محطة «سكوب» مع الدكتورة ابتهال الخطيب، ومحاولات المحاور شدها لتقول ما يريد أن يبني عليه عناوين مثيرة وضجة ضدها، وكيف استطاعت بذكاء وصدق أن تعبر بسلام دون أن تخون ضميرها أو ترضي جمهور «بلاعي البيزة».

Ad

دار الكثير حول قانون المرأة، وفي مقالها يوم الاثنين أيضا تطرقت إلى أسباب رفض المعاملة المتميزة للمرأة، وقرأت كلام المتباكين على «بيزات» المرأة، ولماذا تحرم من مرتب دون عمل، وغير ذلك من دعوات تبدأ بالاتهام بمخالفة شرع الله، وتنتهي باللطم لحرمان المرأة غير العاملة من المعاش.

مع أن كل من كتب في هذه النقطة يعلمون أن الدولة عبر وزارة الشؤون تعين راتباً للمطلقات والأرامل ممن لا دخل لهن، لكن هؤلا ء يذكرونني بالمظهر العجيب حين يعلن أحد المحسنين عن توزيع زكاته؛ وقتها تجد رجالاً ونساءً يحضرون بأفخم السيارات ويلبسون أحسن الثياب يقفون ساعات أمام مقر المحسن ليحصل أي منهم على 10 دنانير أو أقل.

للأسف... عندنا ناس لا ينظرون إلى الدولة إلا أنها بقرة حلوب، فما دامت غنية فماذا يعني أن تصرف مرتبات لكل الناس من دون أن يعملوا؟ إنه انعدام الكرامة والحياء، وللأسف يشجع على ذلك نواب يريدون إعادة المرأة إلى خدرها وإبعادها عن كل ما يحفظ كرامتها ويشركها في بناء البلاد.

حاول المحاور وبعض المتحدثين تخطئة الدكتورة ابتهال، ومحاولة معرفة علاقتها بربها، ولم تخضع للابتزاز، ولكن أيضا لم ير أحد أن الدكتورة بأخلاقها وحكمتها وجلاء أفكارها ونظرتها العادلة للمجتمع إنما تمثل كل ما دعا إليه الرسل والأنبياء.

إن مَن حاولوا النيل من الدكتورة ابتهال كانوا رافضين استخدام العقل الذي زيّن الله به الإنسان، وأصروا على التبعية وإغلاق عقولهم حتى عن محاولة الاستماع، وهذه للأسف ظاهرة تنامت مع وجود الأحزاب الدينية التي حَرَّمت، ومازالت، الاستماع أو القراءة لمن يخالفونهم الرأي أو الرؤية.

وحين حاول المحاور الخلط بين رياضة البنات وتقاليد المجتمع، فإنه نسي أن بنات الكويت في الستينيات كن مشاركات في كل أنواع الرياضة، وكانت البنات تشارك في مهرجانات الكويت الرياضية، وكن يشاركن في طابور العرض بملابس قصيرة وأمهاتهن وآباؤهن يصفقون لهن في المدرجات، فكيف عدنا من ذلك إلى ما نحن فيه الآن؟

أنا أشارك الدكتورة ابتهال آراءها، وأعتقد أن المجتمع ومنظمات العمل المدني وحتى الأحزاب الوطنية استسلمت وتركت قيادها للمتأخرين من أحزاب هذه الأمة، وبدلاً من الوقوف بحزم أمام هذا التيار الرجعي بدأت بمجاراته حتى تمت السيطرة عليها.

على المجتمع الرافض للتبعية والرجعية، وهم الأغلبية في هذا المجتمع، أن يرفع صوته عالياً، وأن يحارب أفكار الردة والتقهقر و»بلاعي البيزة» حتى نعيد الكرامة إلى الناس، ونعود إلى الزمن الذي كان تقديم المال لإنسان فيه مهانة ومذلة ما لم تكن مقابل عمل.

إن دستور الكويت يرسم طريقاً واضحاً للحريات، ولكننا للأسف أخذنا نتنازل عن تلك الحقوق حتى أفرغناه من محتواه، وما طالبت به الدكتورة ابتهال هو العودة إلى الأصول واحترام العقل وحفظ الكرامة.