آمال هي تدعو لك...يالعفاسي

نشر في 04-08-2009
آخر تحديث 04-08-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي الكويت، بحجمها ومساحتها وعدد سكانها ومورد رزقها، لا تحتاج إلى ستة عشر وزيراً، ولا إلى ستة وزراء. وزير واحد فقط ومديرو إدارات وشكر الله سعيكم.

وإن سألتني عن الوزراء الحاليين، فسأجيبك: ثلاثة فقط هم الذين يمكنك الاعتماد عليهم في "مقناصك"، الدكاترة موضي الحمود وهلال الساير ومحمد العفاسي، أما بقية الوزراء فهم ما بين عازف شخير، أو باحث عن غنائم حرب. خذ الثلاثة فقط، وأغلق الملف، وضعه تحت إبطك الأيمن وتوكل على مولاك.

والدكتور العفاسي شجاع يمتلك أدواته ويجيد استخدامها، لكنهم شغلوه بملف الرياضة، وهو ملف مهم لا شك، لكنه ليس الأهم... أتعلم ما الأهم يا دكتور؟ الأهم هو تلك العجوز المطلقة التي تدور بين الوزارات كل بضعة أشهر مستندة إلى عكازها، لم ترحم القوانين شيباتها، ولم ترحم الشمس وهن عظمها ولا رقة بشرتها. وهي لا تفهم معنى كلمة "شهادة مصدقة" ولا معنى "رسوم"، وتستجدي كل من يمر بها بجملة تكررها: "الله يرضى عليك يا ولدي، ألحين وين أروح؟"، وبعد كل مشاوير الكعب الدائر، تشاهدها جالسة أمام مبنى حكومي لتضع الثلاثمئة والخمسين ديناراً في "شيلتها"، وتربطها، وتحكم ربطها، قبل أن تمسح عرقها وترفع يديها بالدعاء وهي تلهث لشدة الإرهاق: "الله يعز الحكومة، الله ينصرها على من عاداها، يا ربي يا حبيبي"... منظر يبكي هتلر وصدام حسين.

هي لا تعلم أن النفط سينضب خلال أربعين سنة، كما تقول التقارير، ولا تعلم أن بعض مسؤولينا يتسابقون الآن على شفط ما يمكن شفطه، ولا تعرف شيئاً عن قضية المناهج، ولا عن الفيفا وقوانين كرة القدم، ولا عن البند السابع في ميثاق الأمم المتحدة، ولا ولا ولا...

أبلغوني عنها، فتوجهت إليها، إذ كنت بصدد تقديم حلقة تلفزيوينة تسلط الضوء على حالتها وحالة بقية العجائز والشيوخ الذين دُهست حقوقهم في الزحام، وسألتها: "أتعبتك المعاملة يا خالة؟"، فأجابت بدهشة: "لا – ورفعت يديها ونظرها إلى السماء – بل عسى الله يجزيهم عني كل خير"! قلت: "هل تعلمين لماذا كل هذه الأوراق والمستندات التي طلبوها منك، وهل تعلمين لماذا دفعوك إلى اللف والدوران بين الإدارات الحكومية المتباعدة؟"، فأجابت ببراءة مضحكة مبكية: "كي يضمنوا أن أموال الكويت لا تذهب إلا إلى الكويتيين والمسلمين"، فقلت ضاحكاً: "طيب هل تعلمين أن هناك كويتيين مسيحيين؟"، فضربت صدرها وقالت بفزع: "أعوذ بالله، ليش ما يروحون إلى إسرائيل عند ربعهم وجماعتهم!".

هذه يا دكتور، ومن هم مثلها، هم القضية الأهم، هؤلاء هم البسطاء الذين لا صوت لهم. وتعديل القوانين الجائرة النذلة الحقيرة لترحم شيبات هؤلاء هو الأولوية القصوى، والمحافظة على كرامة العجوز تلك من "الشحططة" والجلوس على عتبات سلالم الوزارات لتمسح عرقها وهي تدعو للحكومة بالنصر على من عاداها هي التحدي الصعب السهل.

القضية يا دكتور لا تتجاوز رفع مرتباتهم بما لا يكلف الخزينة أكثر من مليوني دينار في السنة، ثم الحرص على عدم إرهاقهم بمشاوير الكعب الداير، فقط.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top