تلقائياً ولا شعورياً أجد نفسي ميالاً إلى البزة العسكرية ومرتديها، حتى بعد أن خلعت بزتي العسكرية. ليش؟ لأن العرق دساس. هكذا سألت نفسي وأجبتها... وأتذكر جيداً عندما عدت إلى بيتي مساء، أثناء خدمتي العسكرية، فرأيت مشادة بالأيدي على مدخل المنطقة، بين اثنين من عساكر الداخلية من جهة ومجموعة كبيرة من المراهقين من الجهة الأخرى، فأوقفت سيارتي، وهرولت مسرعاً لنجدة العسكريين، وخضت غمار المعركة وغبارها، بدافع من الحمية العسكرية، ومن دون أن أعرف المشكلة! وما إن صافحت قبضة يدي وجه أحدهم حتى تلقيت رفسة مباركة على "منطقتي المحرمة"، فانحنيت متألماً، فألحقها برفسة أخرى على رأس المعدة، فصرخت: "يا ألطاف الله". وشحّ الهواء في الفضاء، وعانت "رئتي" أزمةً اقتصادية حادة، وفكرت أن أدوخ قليلاً وأسقط، لكنني أجّلت ذلك إلى حين ميسرة، وإلى حين انتهاء المشكلة والعثور على الهواء الذي اختفى عن الأنظار فجأة. الله يغربله.

Ad

وأثناء تفكيري، تلقيت صواريخ من اللكمات في وجهي وصدري، ولم أعد أعرف إلى أين ألتفت، ومَن أقاوم، وكدت أموت بين أقدام هؤلاء المراهقين الأصحاء... ولولا وصول دوريات نجدة إضافية لاختلف الورثة على ميراثي.

كان المهم عندي لحظتذاك هو نصرة البزة العسكرية والمحافظة على كرامتها، فالحميّة العسكرية، من وجهة نظري، تشبه حمية الدم، الخالق الناطق.

وقبل يومين، شاهدت صور تمارين الحرس الوطني على مكافحة الشغب، وهي المهمة التي كانت منوطة بـ"قوات مكافحة الشغب" لا الحرس الوطني، ولأول مرة لم أشعر بدماء الحمية تتحرك في عروقي، خصوصاً بعدما قرأت كما قرأ غيري الرسالة التي أرادت السلطة إيصالها إلينا.

وهنا نتساءل: ماذا يريد الشيخ مشعل الأحمد، نائب رئيس الحرس الوطني، والقائد الفعلي له؟ هل هو يبحث عن دور، حتى وإن كان الدور هذا أحمرَ بلون الدم، أم ماذا؟ وهل سيطلق إخوتنا وأبناؤنا النار وقنابل الدخان علينا إنْ نحن رفضنا تعليق الدستور وتحويل البلد إلى غابة يسيطر عليها الذئب والضبعة؟

لا أعرف إجابتكم، لكنني أعرف أننا لن نسكت لو تم الانقلاب على نظام الحكم، وسنسيّر المظاهرات السلمية، وسنلجأ إلى الفضائيات والإنترنت وكل الوسائل القانونية للدفاع عن نظامنا الذي يحمينا ويحمي أسرة الحكم، فهل ستطلقون النار علينا حينذاك؟ أنتم أحرار.

على أننا لا نحرضكم على عصيان القادة، بل على العكس. وأنتم تعلمون أن واجبكم هو الدفاع عن بلدكم وشعبكم ودستوركم ونظام الحكم وأسرة الحكم، لا عن أشخاص لا تهمهم سوى مصالحهم الخاصة. فإن عبثنا نحن بالنظام فأمطرونا بوابل نيرانكم، هنيئاً مريئاً، لكن إن عبثوا هم بالنظام فماذا ستفعلون؟

صحيح أن قيادة الحرس الوطني أعلنت أن تمارينه لا علاقة لها بالمشهد السياسي، لكننا نتساءل: لماذا تم عرض الصورة الآن وفي هذه الأيام، أيام الاستجوابات الأربعة؟

منذ فترة، أدركنا جيداً أن الأداء الضعيف للحكومة لن يقودنا إلى الأنهر وضفافها، بل إلى غابات الأمازون، حيث الداخل مفقود والخارج غير موجود. فارحلي يا حكومة، حبّاً بالكويت وحفاظاً على شعبها وأمنها. ارحلي فقد مللنا طعم العلقم، ونسينا أشكال الفواكه. ارحلي كي تغني الطيور وترقص الأزهار وتتعالى ضحكات الأطفال. ارحلي كي تبتسم المريضة (الكويت التي جفت دموعها) وتتعافى. ارحلي مشكورة... فالكويت تستحق الأفضل.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة