مع بداية شهر رمضان كانت العودة من الإجازة، ومع العودة كان السؤال كالمعتاد عن أخبار مصر وأحوالها، والخبر يعرفه الجميع وتنقله وكالات الأنباء، أما الحال فلا يدركها إلا من يعيشها، وعلى سبيل المثال، فإن الإنسان يعيش حالا من الفرح والسرور، فإذا تحولت هذه الحال إلى زواج مثلا صار خبرا، أو أن يكون الخبر مصدرا للحال كأن يكون النجاح والتفوق سببا لحال السعادة والفرح.

Ad

ويعيش الإنسان حالا من الإحباط واليأس- كالمهندس الذي خسر أمواله في البورصة- ثم تحولت حاله إلى خبر عندما قتل زوجته وأولاده، فحال اليأس دفعته إلى التصرف، فالفعل والتصرف حول حاله إلى خبر تناقلته وسائل الإعلام.

وعودة إلى أخبار مصر، فالجميع يعرفونها من خلال ما تبثه أجهزة الإعلام ولا جديد فيها يمكن ذكره أو التعليق عليه باستثناء تأجيل المؤتمر العام للحزب الحاكم إلى 30 أكتوبر بدلا من الموعد المعتاد في سبتمبر (متفرقش)، ولكن السيناريو المتوقع كما هو لم يتغير، ويتلخص في تصعيد السيد جمال مبارك داخل الحزب إما برئاسته مباشرة وإما بتكليفه نائبا للرئيس مع القيام بمهامه- في حال عدم استطاعته- وبذلك تكون الخطوة الأولى والأهم في طريق رئاسته لمصر قد تم إنجازها، ولا أعتقد بوجود أي معارضه داخل الحزب لهذا السيناريو، وكل ما يقال ويثار حول السيد عمر سليمان هو من قبيل التمويه وإلهاء البعض والإيحاء بوجود شخصيات أخرى يمكنها تولي الحكم، ولكن الأصلح والأنسب (جمال مبارك طبعا) هو من سيختاره الحزب ويتولى الحكم.

أما عن أحوال الشعب فيبدو ظاهريا أنها لم تتغير، فالضيق من الأزمة الاقتصادية التي تمسك بخناق المواطنين كما هو، والرفض والكره للأزمة الأخلاقية واستشراء الفساد الذي يضرب الأجهزة الحكومية كما هو بالإضافة إلى اتساع الهوة أكثر وأكثر بين تطلعات رجال الأعمال الذين يحكمون ويتحكمون وآمال المواطنين الذين يئنون ويصرخون... إلخ.

كل ذلك لا جديد فيه ولكن الحال الجديدة للأسف هي نجاح الحزب الحاكم وقوى الفساد داخل النظام في القضاء تماما على أي أمل لدى المواطنين أو مجرد التفكير في الإصلاح، فقد أصبح الجميع فاقدين للأمل في التغيير والإصلاح، بل عاجزين عن مجرد التفكير فيه، وإذا كان العجز عن الفعل والحركة دليل شلل وانعدام قدرة في ذاته فإن العجز عن مجرد التفكير إثبات موت وشهادة وفاة، وهو النهاية- وأتمنى أن أكون مخطئا- لآمال شعب وقدرته على التصحيح.

فبالرغم من كثرة الحديث عن الظلم والفساد والشكوى من سوء الأوضاع في كل اللقاءات الفكرية والمناسبات الاجتماعية والمقابلات الشخصية فإن مجرد السؤال وماذا بعد؟ لا يلقى أي إجابة بل أي محاولة للإجابة... فالاستسلام وضياع الحلم وفقدان الأمل أصبحت هي حال الشعب، فهل ستؤدي هذه الحال إلى خبر جديد تبثه وكالات الأنباء؟ ربما.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء