آمال الكويتية تتعرى

نشر في 05-02-2010
آخر تحديث 05-02-2010 | 00:00
 محمد الوشيحي الله يرحمه، القاضي المصري العظيم زكريا حذيفة، صاحب الأقوال المأثورة الشامخة... إحدى مقولاته عن القضاء والقضاة: «لا تألهونا... نحن بشر». ومقولته الأخرى: «القول إن المؤسسة الفلانية فاسدة قول مضلل، والصدق هو (قادة المؤسسة الفلانية فاسدون)، فالمسؤول عن الفساد هم البشر، لا الآلات ولا الحجر». الله عليك يا عظيم يا كبير.

وعندما نقول «مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية فاسدة»، فبالتأكيد نحن لا نقصد الطائرات أو غيرها من الآلات والمعدات، بل نشير بالأصبع السبابة إلى قيادات المؤسسة، فكل ما يخطر على بالك من فساد تجده تحت سقف الكويتية وبأرخص الأسعار: عبث، هدر، شللية، شراء ولاءات، رخاوة قيادية، ووو، ولا أمْن إلا أمْن العقوبة، و«من أمِنَ العقوبة أساء الأدب»، غالباً.

ومدير عمليات الكويتية أمِنَ العقوبة جداً، فتصرف في المؤسسة كمن يتصرف في ممتلكاته الخاصة وكأنه «القيصر»، وأهان أحد طياريه، فرد الطيار الإهانة مضاعفة، لأنه «شنب من ظهر شنب»، فانتقم القيصر منه... والقصة باختصار كالتالي:

أراد القيصر في رحلته من الكويت في مهمة عمل إلى لندن - نيويورك أن يصطحب معه أحد أصدقائه الطيارين، ويُركبه في كابينة القيادة من دون أن يضيف اسمه في كشف الطاقم، ولا أن يحصل له على تذكرة، فرفض الكابتن لأن أحداً لم يبلغه من قبل ليتخذ إجراءاته القانونية، ولأن المطارات تشترط الحصول على أسماء الركاب والطاقم قبل إقلاع أي طائرة متجهة إليها بثلاث ساعات على الأقل، وهو ما لا يسمح به الوقت الآن، وستتعرقل الرحلة وقد يتعرض الركاب لبهدلة بدون ذنب. فأصر مدير العمليات «القيصر» على اصطحاب صديقه، فرفض الكابتن، وتكهرب الجو. وأمام هذا الموقف، وأمام أعين موظفي الحركة، وجد القيصر نفسه في موقف محرج، فاقترح أن يركب صديقه داخل الطائرة كبقية المسافرين، فرفض الكابتن، إذ لا فرق بين الكابينة ومقاعد المسافرين، والمشكلة ليست هنا، بل في مخالفة لوائح وقوانين الطيران... وتأخرت الطائرة نحو أربعين دقيقة (ملاحظة، للديوان الأميري الحق في تأخير الإقلاع لثلاثين دقيقة فقط، أي أن القيصر أقوى سلطة من الديوان الأميري)، هذا إذا علمنا أن الطائرة تقل طفلاً مبتعثاً لعلاج قلبه، بخلاف 270 راكباً آخر. ولكم أن تتخيلوا مكانة الناس ومصالحهم عند القيصر ومؤسسة البربسة.

وبالفعل أقلعت الطائرة إلى لندن متأخرة. من دون صديق القيصر. فالكابتن كما قلت «شنب» لكن المشكلة أن إقلاعها من لندن إلى نيويورك تأخر ست ساعات. إذ إن مطار هيثرو ليس كمطار الكويت، تنعق على أطلاله البوم، بل تتزاحم في فضائه الطائرات، فإذا فات ميعاد إقلاع طائرة، أُزيل اسمها من أعلى الكشف إلى أسفله، وعليك الانتظار من أول الدور... وتلخبطت مواعيد المسافرين وارتباطاتهم وعائلاتهم التي تنتظرهم، وشعروا بالإرهاق، كل هذا لأجل سواد عيون القيصر وصديقه الطيار.

إلى هنا، والوضع لا يستغرب كثيراً في مؤسسة «البربسة»، لكن المشكلة أن القيصر المبتعث في مهمة، وبالتالي لا يحق له ممارسة عمله الوظيفي أثناء مهمته، ما إن وصل إلى لندن حتى أرسل برقية إلى الكويت أصدر فيها أوامره بإيقاف الكابتن عن العمل مدة شهر! تخيل. وللإمعان في إهانة الكابتن أمر بإرجاعه في اليوم التالي، من لندن إلى الكويت، كي يعرف كل مَن شاهد الواقعة أنه تعرض لعقوبة. وهذا ما تم.

فعلاً، هذا القيصر أمِن العقوبة. لكن الذي يشغلني هو سبب إصراره على اصطحاب صديقه الطيار معه بدون توثيق أو أوراق، «أي خشاشي»، فهل للأمر علاقة بمهمته المبتعَث من أجلها، وهي «شراء طائرة للديوان الأميري من مصنع أميركي؟» سأتحرى الأمر، وسأطلب من الشمس تسليط أشعتها على المهمة وتفاصيلها. إذ يبدو أن ما في الفخ أكبر من العصفور الذي نشاهده.

ويا رئيس «الكويتية»، الأخ حمد الفلاح، نعرف صلة القرابة التي تجمعكما، أنت والقيصر، ونعرف عن عبثه وشلليته، وسنُحملك المسؤولية باستعادة كرامة الكابتن هذا وبقية طياري المؤسسة الغاضبين مما تعرض له زميلهم، وتطبيق القانون على القيصر. وسبق لك أن هاتفتني تستفسر عن مآخذي على أدائك، فأوضحت لك صورة مباشرة: «قبضتك رخوة» فوعدتني بتشديد القبضة وطلبت مهلة، وهأنذا أذكرك بوعدك، وسأنتظر وفاءك لتستر عورة هذه المسكينة «مؤسسة الكويتية» التي عرّاها قريبك.

back to top