في ظل الاتجاه الخليجي نحو إقامة التكتلات الاقتصادية، وتزايد قوى العولمة وسعي دول التعاون نحو تحرير التجارة والاستثمار، أصبح لزاماً على دول المجلس أن تتبنى استراتيجية محددة لعلاقاتها مع الدول والمجموعات والمنظمات الاقتصادية الإقليمية والدولية.

Ad

وقد تناولنا في المقال السابق الجهود الخليجية المبذولة في استمرارية الحوار الاقتصادي، وبالتالي تعزيز أفق الدبلوماسية الاقتصادية، أو كما يسميها البعض "دبلوماسية التنمية" Development Diplomacy، التي برزت أهميتها وتصدرت الأجندة الخليجية، في اعتقادي، بعد قرار المجلس الأعلى في دورته الحادية والعشرين في ديسمبر 2000م، بالاستعانة باستراتيجية طويلة المدى لدعم العلاقات والمفاوضات لدول المجلس مع الدول والتكتلات الإقليمية والمنظمات الدولية، والتجمعات الاقتصادية الأخرى، وذلك للوصول إلى مرحلة الصوت الخليجي الاقتصادي الموحد.

وبرزت بعدها أهمية المصالح التجارية والاقتصادية لدول التعاون لاجتذاب الشريك الاقتصادي التي تتطلب منهما العمل المشترك لتعزيز علاقاتهما، وسعت الكويت أثناء رئاستها الدورية للمنظومة إلى توجيه الأنظار الى البعد الآسيوي في العلاقات الاقتصادية الخليجية. واليوم، على الرغم من استمرار الاهتزازات المالية والسياسية، فإن النظرة العالمية إلى دول المجلس لم تتغير، إذ مازالت تتمتع بوجود احتياطيات كبيرة من النفط الخام الذي يعتبر عصب الحياة للعالم أجمع.

وتناولنا سابقاً الاتفاقية الإطارية بين دول المجلس وتركيا، واليوم نستكمل بنود الاتفاقية، آخذين بعين الاعتبار حاجة دول التعاون إلى تطوير المهارات التفاوضية للدبلوماسيين وفرق العمل المكلفة بالتفاوض، وذلك مواكبة للخطة الخليجية، ولكي تكون المبادرات ذات جدوى وفاعلية.

وعودة إلى بنود الاتفاقية المبرمة مع تركيا، توقفنا في المقال السابق عند إقامة المنطقة التجارية الحرة بين الجانب التركي والخليجي والحاجة إلى استحداث آلية تنفيذية للوصول إلى الهدف، ونستكمل اليوم قراءتنا لبنود البيان الختامي للاجتماع الوزاري الخليجي التركي 2009، والذي شمل ملفات سياسية كدعم الإمارات في التوصل إلى حل النزاع حول جزرها الثلاث المحتلة من إيران، وتضامن الأطراف المجتمعة بشأن ضرورة استكمال العراق تنفيذ قرارات كل مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى دعم مبادرة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين، والحرص على أن يشمل الحل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإدانة استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات، ودعم الجميع الجهود القطرية في تعزيز مسيرة لبنان وبالتالي تنفيذ بنود اتفاق الدوحة، ودعم مبادرة خادم الحرمين الشريفين المتعلقة بحوار الأديان، وتثمين الجهود التركية بقيادتها فريق العمل المتعدد الجنسيات لمواجهة ظاهرة القرصنة ومكافحتها. وفي هذا السياق، أذكر أن تركيا لها دور فاعل في هذا المجال، فقد أرسلت في فبراير من هذا العام فرقاطة وطائرات وعناصر مدربة للمشاركة في عمليات تأمين بحر العرب وحمايته من القرصنة (المصدر: مجلة الرصد الاستراتيجي الصادرة عن معهد الدراسات الدبلوماسية المملكة العربية السعودية).

ومن القرصنة ننتقل إلى المحطة التالية من دبلوماسية التنمية، وهي الحوار الاقتصادي الذي تم بين دول التعاون ورابطة "الآسيان" الذي رعته مملكة البحرين في شهر يونيو 2009 برئاسة مشتركة ضمت وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد الخليفة، ورئيس رابطة "الآسيان" وزير خارجية مملكة تايلاند كاسيت بيروميا، سعياً إلى تطوير العلاقات. وقد بحث الاجتماع بنوداً حيوية ومهمة لمنطقة الخليج كالأمن الغذائي والإنتاج الزراعي المشترك.

وأخيراً... فعجلة دبلوماسية التنمية في دول الخليج تندفع إلى الأمام قدماً، غير أن التنفيذ مرهون بالقدرات التفاوضية والدبلوماسية لدى فرق العمل الخليجية، وسنتابع في مقالات مقبلة محاولة التعرف على المزيد من الأعباء الاقتصادية والتجارية الملقاة على عاتق المنظومة التفاوضية وأساليب التدريب والتأهيل في المجال الدبلوماسي المتبعة في المنظمات الإقليمية والدولية.

 

كلمة أخيرة... وقف البعض "ضد" المطالبة بإسقاط القروض الشخصية وتخفيف الأعباء المادية عن المواطن الكويتي، و"مع" المطالبة بالدعم المادي لموظف القطاع الخاص الذي اختار التسريح الاختياري بعد أن اعتمد المساندة المالية الحكومية... هل هي مسألة مبادئ؟ أم دوائر؟!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء