كارثة بيئية تلد أخرى

نشر في 31-08-2009
آخر تحديث 31-08-2009 | 00:00
 د. بدر الديحاني من المؤسف حقا أن يترتب على معالجة الأجهزة الحكومية للكارثة البيئية التي حصلت نتيجة لتسرب الغاز في محطة الصرف الصحي في منطقة مشرف الذي حدث بسبب تعطل عمل جميع مضخات المحطة دفعة واحدة، كارثة بيئية أخرى تمثلت بتحويل 170 ألف متر مربع يوميا من مياه الصرف الصحي إلى البحر مما جعل درجة التلوث عند الساحل تصل، كما ذكر المتخصصون في الشؤون البيئية في أكثر من وسيلة إعلامية، إلى 10 آلاف درجة أي ما يعادل عشرة أضعاف ما كانت عليه قبل حدوث التسرب، وهي أعلى وأخطر نسبة تلوث شهدتها الكويت، الأمر الذي جعل مدير عام الهيئة العامة للبيئة يصف الوضع البيئي بالخطير جدا، مضيفا في تصريحه لوسائل الإعلام المختلفة «أن نتائج الفحوصات تؤكد أن نسبة التلوث عالية جدا وفقا للمعاير البيئية المتعارف عليها، فعند تحليل مادة الأمونيا والبكتيريا والمواد الكيماوية اكتشفنا أنها مرتفعة جدا بسبب مياه الصرف الصحي غير المعالجة».

هاتان الكارثتان البيئيتان هما دليلان آخران، بعد كارثة حريق الجهراء، على سوء أداء الأجهزة الحكومية نتيجة للتسيب والفساد المالي والإداري والأخلاقي المتفشي في بعض هذه الأجهزة، فضلا عن عدم جاهزيتها لأي طارئ وهو ما يوضح المرة تلو الأخرى غياب أجهزة حكومية متخصصة في إدارة الكوارث والأزمات. بالإضافة إلى ذلك فإن ما حصل كشف غياب التنسيق بين الأجهزة الحكومية المتعددة ذات الاختصاصات المتشابكة، وهو ما اتضح بشكل واضح في تناقض تصريحات مسؤولي وزارة الأشغال والهيئة العامة للبيئة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية حول النتائج المأساوية المترتبة على الكارثة البيئية في مشرف أو ما سببته طريقة معالجة وزارة الأشغال لها من كارثة بيئية أخرى أشد منها فتكا بصحة الإنسان نتيجة للأمراض الكثيرة التي يسببها تلوث المياه بمجاري الصرف الصحي، مثل الكوليرا والتيفوئيد والملاريا والالتهاب الكبدي الوبائي والفشل الكلوي وتسمم الدم وتشوهات الأجنة والتخلف العقلي في المواليد وغيرها!

كما أنه مما يثير الاستغراب والتعجب فعلا هو ما ذكرته المهندسة جنان بوشهري عضو المجلس البلدي عندما تساءلت ومعها كل الحق حسب ما ورد في (القبس 28 أغسطس 2009): «أن محطة الصرف الصحي في مشرف حديثة عمرها لم يتجاوز ثلاث سنوات، وعادة ما يكون عمرها الافتراضي يقارب العشرين عاما، مما يعني أن سعتها التصميمية أكبر مما تستقبله حاليا من مياه المجاري، فكيف تتعطل كل مضخاتها دفعة واحدة؟».

على أن الأمر الأكثر خطورة هنا هو أنه من المرجح أن تحدث الكارثة مرة أخرى، حيث حذر بعض متخصصي البيئة في معهد الكويت للأبحاث العلمية «أن سماكة العازل لحوض غاز H2C في محطة الصرف الصحي بمنطقة مشرف تبلغ 2 ملم، وهذا بحد ذاته مخالف لقانون المعايير البيئية وغير مطابق للمواصفات العالمية، وقد يتسبب بكارثة أخرى يحتمل حدوثها في أي لحظة بسبب التآكل وعدم تحمله سنوات أخرى» (القبس 29 أغسطس 2009).

وإذا ما علمنا أن محطة الصرف الصحي في مشرف قد أقيمت بالقرب من منطقة ذات كثافة سكانية عالية بالرغم من معارضة منظمات المجتمع المدني المهتمة بالبيئة، وهي جماعة الخط الأخضر وجمعية حماية البيئة بالإضافة إلى الكثير من المتخصصين في الشؤون البيئية وتحذيراتهم المتكررة، فإن الأمر يزداد خطورة حقا.

لذلك فإنه يتعين على الحكومة ومجلس الأمة الآن سرعة التحرك لإيقاف الدمار البيئي الخطير الذي قد يصل مداه إلى الدول المجاورة حتى لو استدعى الأمر الاستعانة بفرق دولية متخصصة، كما يتعين عليهما، في الوقت ذاته، تشكيل لجنة تحقيق محايدة لتحديد المسؤول عن ذلك لكي ينال جزاءه ولمعرفة أسباب ما حصل حتى يمكن تلافيه في المستقبل.

 

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top