الديرة لونها بمبي!
كانت الفنانة المغدورة سعاد حسني تصرخ بالغناء في أحد أفلامها الشهيرة وهي سعيدة، وتردد: "الحياة لونها بمبي... بمبي" بسبب حبها للفتى الأفدع (الفحل) حسين فهمي الذي جعل حياتها جميلة ولونها "بمبي"!... والديرة هذه الأيام يبدو أنها أصبحت من السعادة كذلك لونها "بمبي"، فمعالي نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد الفهد يجعلها هائمة في عشق خطته الإنمائية ووعوده بالإنجاز، فها هي البورصة تنتعش على وقع تصريحاته، والمشاريع الكبرى تتقاطر للتوقيع على عقود تنفيذها بمباركته، والمواطنون المصطفون في طابور منتظري الإسكان تملأهم الوناسة والتفاؤل بسبب وعوده بإنجاز 22 ألف وحدة سكنية قريباً.
الوضع في البلد في الآونة الأخيرة أصبح أكثر تفاؤلاً وسعادة، رغم ما يطفو على الساحة من حين لآخر من مشاحنات وأحداث سياسية تمس الحريات وتنتقص محاولات الإصلاح ومحاربة الفساد، وتكدر حياة الكويتيين التي صنفتها دراسة دولية من ضمن دول المقدمة من حيث الرضا والسعادة ؟!... ولاشك في أن ملف الخطة التنموية والحديث عن المشاريع ونهج توزيع الثروة الجديد من خلال الاستثمار في مشاريع الخطة يهيمن على مجريات الساحة المحلية، وهذا الملف الذي يمسك به ويديره ويتولى مسؤوليته الوزير الفهد هو أمل الناس ومبعث سعادتهم، والخوف كل الخوف أن يصيب هذا الملف انتكاسة أو ينتفخ بالأوهام، فينقلب لون الحياة الـ"بمبي" في الكويت إلى رمادي، وتكون صدمة وطنية كبرى، فكل ما تم حتى الآن من مشاريع هي لأفكار مخزنة في أدراج الوزارات والهيئات منذ سنوات طويلة خنقتها بيروقراطية القيادات الوسطى في الدولة و"علكوها" لسنوات في البحث واللجان والدراسات... فهل هذه القيادات نفسها قادرة على أن تلبي متطلبات الخطة الجديدة بالسرعة والكفاءة المطلوبين؟... وهو سؤال محوري يجب أن تكون إجابته عند المشرف والمسؤول عن ملف الخطة التنموية بعد عام تقريباً من إقرارها. الشهور القليلة المقبلة ستشهد تقييماً لمدى ما تحقق من الخطة، والنواب متربصون للمحاسبة، والشعب منتظر ليرى الإنجاز على الأرض بعد أن تابع عشرات من مراسم وحفلات توقيع العقود المليارية، وسمع التصريحات الصحافية المطولة عن كل التفاصيل، ولكي يتحقق التنفيذ لا بد أن يكون هناك جهاز تنفيذي كفء حتى لا تتكرر مآسي استاد جابر ومستشفى جابر ومحطة مشرف ومشاريع أخرى عديدة، وهذا لن يتحقق إلا بقيادات وسطى في الدولة بدماء جديدة، فسارع يا بوفهد إلى إقرار مزايا التقاعد للقياديين الحاليين من مجلس الوزراء، لتجددوا قيادات الأجهزة المعنية بالإشراف والتنفيذ حتى تتحقق الوعود، ويظل البلد لونه "بمبي"... ويبقى هائماً بعشق من يحمل مسؤولية ملف خلاصه من حالة الجمود والبدء في تطوره.