إذا أضفنا إلى جملة التحفظات على مدى فاعلية مشروع قانون تنظيم عمليات التخصيص، المنظور أمام مجلس الأمة، حزمة الشروط التي توصلت إليها كتلة العمل الشعبي على مشروع القانون، وأهمها حظر التخصيص في القطاع النفطي والمرافق العامة، استنادا إلى نص المادة 152 من الدستور، وأن تكون حصة المواطنين من الاكتتاب العام، ونسبتها 40 في المئة، منحة من قبل الدولة، وإلزامية السهم الذهبي في كل المشروعات التي يتم تخصيصها، فإن قانون التخصيص يكون قد أضاع بوصلته، ونأى عن أهدافه الأساسية أيما نأي.

Ad

غياب البيئة المحلية الملائمة

إن هذه الشروط وما سبقها من قيود قد أثقلت كاهل القانون وأفقدته المرونة والفعالية، فضلا عن غياب البيئة المحلية الملائمة لعمليات التخصيص أصلا. ذلك ان نجاح عملية التخصيص يتطلب توافر آليات ومتطلبات وشروط سابقة على التخصيص، وهذه غير متاحة بعد في البيئة المحلية، ولعل غيابها أسهم في اتساع دائرة المخاوف من مشروع القانون، ومن بين أهم الشروط والمتطلبات ما يأتي:

1 - إعادة هيكلة المؤسسات العامة المرشحة للتخصيص مستقبلا (أي تحويلها إلى مؤسسات تعمل وفق أسس تجارية)، وهذه عملية تتطلب بضع سنوات من الجهد والعمل المنظم، وكان ينبغي أن يتم البدء بها منذ زمن.

2 - تهيئة وتأهيل وتدريب كوادر وطنية متخصصة في عملية التخصيص، وقادرة على إدارة هذه العملية من النواحي التنظيمية والإدارية والرقابية والقانونية، وقادرة على معالجة الاختلالات التي قد تواكب أو تترتب على عملية التخصيص.

3 - تطوير قدرة القطاع العام على الرقابة، وتأهيل موظفيه لدور إشرافي وإداري مختلف عن الدور الحالي.

4 - تطوير وتحديث البنية التشريعية المحلية، وإصدار التشريعات اللازمة لدعم عملية التخصيص، مثل تشريعات حماية المستهلك، ومنع الاحتكار، والضريبة، وتشريعات الحوكمة والشفافية وتنظيم العلاقة بين صاحب العمل والعاملين.

5 - تفعيل قانون هيئة سوق المال، وتطوير سوق رأس المال وتنويع أدواته.

6 - نشر ثقافة الخصخصة في المجتمع، والعمل على تسويقها من خلال أجهزة الإعلام الرسمية وغير الرسمية وعن طريق الندوات الجماهيرية.

7 - تهيئة مناخ جاذب للاستثمار، من خلال تفعيل اللوائح والنظم والقوانين، وجعلها أشد وضوحا وأكثر شفافية.

8 - تطوير قدرة الجهاز المصرفي على توفير التسهيلات الائتمانية.

9 - خلق بيئة عمل تقدر الإنتاجية والكفاءة، وتعزيز قيم أن «البقاء للأفضل إنتاجية لا للأكثر تحايلا».

10 - الحد من معارضة البيروقراطيين الذين يخشون على مراكزهم وامتيازاتهم من عملية التخصيص.

قانون على مقاس البطالة المقنعة

بدون هذه المتطلبات، ومع كل القيود والأعباء التي أثقل بها المشروع، لن يستطيع قانون التخصيص بوضعه الحالي أن يحقق نقلة نوعية للاقتصاد الوطني على طريق التنمية المنشود، خاصة أن هذا القانون قد جاء مفصلا على مقاس البطالة المقنعة في القطاع العام وعلى مقاس الشارع لا على مقاس القطاع الخاص، ومع ذلك لم يحظ لا بمباركة البيروقراطيين ولا برضا الشارع ولا حتى بدعم نصف البرلمان.