ضربة قاتلة يوجهها حظر الحفر في خليج المكسيك

نشر في 27-07-2010 | 00:01
آخر تحديث 27-07-2010 | 00:01
عواقبه الاقتصادية مدمرة وشركات الطاقة تعيد رسم خطط المستقبل
يتوقع أن يؤثر حظر أعمال الحفر في المياه العميقة في خليج المكسيك بشكل كبير على ولاية لويزيانا، من حيث خسارة الأجور وتردي الوضع الاقتصادي في المجتمعات الساحلية، وهي تعاني أيضا أضرارا فادحة لحقت بها نتيجة التسرب النفطي الواسع الذي تسبب في إغلاق مجالات الصيد التجاري والخاص.

قال تقرير صدر أخيراً عن "آوتلوك اكسبرس" إن قرار حظر أعمال الحفر في المياه العميقة في خليج المكسيك، الذي أعقب كارثة "منصة هورايزون"، أجبر شركات النفط والغاز على إعادة رسم خططها حتى نهاية السنة، غير أن التأثيرات المحتملة لهذا القرار, في رأي المحللين, قد تمتد فترة أطول من ذلك.

وكانت ادارة اوباما دعت الى وقف أعمال الحفر في المياه العميقة في خليج المكسيك في أواخر شهر مايو الماضي, أي بعد شهر على حادث انفجار بئر "ماكوندو" التي تديرها شركة "BP" في ميسيسيبي كانيون، وتسبب في تدمير منصة هورايزون للحفر في المياه العميقة، وقتل 11 شخصاً, وأحدث أسوأ عملية تسرب نفطي في تاريخ الولايات المتحدة.

وقالت إدارة اوباما إن التوقف كان ضرورياً, وذلك بغية ضمان سلامة المنشآت الاخرى في المياه العميقة, وإعطاء اللجنة التي عينتها الحكومة الوقت الكافي من أجل تحديد أسباب الانفجار الذي وقع في العشرين من شهر ابريل الماضي، وإضافة الى ذلك فقد ألغت وزارة الداخلية الأميركية بيع عقود التأجير المزمعة قبالة شواطئ فيرجينيا في عام 2012, وفي الخليج الغربي هذه السنة، كما علقت أنشطة كانت مخططة في مياه آلاسكا.

ردة الفعل من جانب مجموعات الصناعة كانت سريعة, ومثيرة للقلق الشديد، وقالت جمعية مقاولي الحفر الدولية إن الحظر المشار اليه يمكن أن يكلف ما يصل الى 330 مليون دولار في الشهر، من خلال ضياع أجور عمال حقول النفط غير المشاركين في جهود الإنقاذ في "ماكوندو"، وإن الحظر المحدد بستة أشهر سيتسبب في ضياع عشرات الآلاف من الوظائف, ليس فقط في صناعة المياه العميقة ذاتها، بل في مجتمعات قوتها العاملة أيضاً. كما أن معهد البترول الأميركي قال إن الحظر سيفضي الى خسارة في إنتاج النفط بما يراوح بين 80 الفا و130 الف برميل في اليوم, والى تعطيل حوالي 50 الف عامل في ذلك الخليج, وحثت الإدارة الأميركية على إعادة النظر في مدة الحظر التي حددت بستة أشهر.

التأثير على صناعة الطاقة

وقد أصدرت الجمعية الوطنية لصناعة البحار بياناً مماثلاً في مطلع شهر يونيو الماضي، حذرت فيه من أن قرار حظر عمليات الحفر في المياه العميقة قد أحدث أثراً عميقاً في صناعة الطاقة قبالة الشاطئ, وأن ذلك الأثر سيزداد سوءاً مع استمرار الحظر، ومضت الجمعية الى سرد أمثلة تتعلق بشركاتها التي تضررت بهذا القرار, وذلك لأن منطقة خليج المكسيك تعتمد على صناعة الأوفشور من أجل توفير الآلاف من الوظائف والعوائد التي تقدر بمليارات الدولارات.

وربما كانت جمعية خدمات الأوفشور البحرية، التي تتخذ من لويزيانا مقراً لها، الأشد قسوة في ردة فعلها- ولاغرابة في ذلك لأن تلك الولاية تتعرض لقدر أكبر من الخسارة، وقالت الجمعية إن الحظر تسبب أصلاً في أضرار اقتصادية لا يمكن إصلاحها في الصناعة البحرية الأميركية, وحذرت من حدوث موجة من إلغاء عقود خدمات الأوفشور من شأنها إحداث شلل في صناعة الأوفشور، وربما يمتد ذلك الى ما هو أبعد من ذلك الميدان.

وقد أقر اوباما في خطاب في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض في منتصف شهر يونيو بحالة الغليان التي أحدثها قرار الحظر قائلاً: "أنا أعلم أن هذا يخلق صعوبة بالنسبة الى عمال تلك المنصات, ولكن من أجل سلامتهم ومن أجل المنطقة برمتها, نحن في حاجة الى معرفة الحقائق قبل أن نسمح باستئناف الحفر في المياه العميقة. وبينما أحث اللجنة على إنهاء عملها في أسرع وقت ممكن، أتوقع منها أن تنجز مهمتها بصورة شاملة وحيادية".

صعوبات بالجملة

تتعرض لويزيانا لجملة من الصعوبات، وبينما يحتمل أن يؤثر الحظر بشكل كبير عليها من حيث خسارة الأجور وتردي الوضع الاقتصادي في المجتمعات الساحلية فإن الولاية تعاني أيضاً أضرارا فادحة لحقت بها نتيجة التسرب النفطي الواسع الذي تسبب في إغلاق مجالات الصيد التجاري والخاص.

ويقول مدير معهد الطاقة "إريك سميث" إن الضرر وقع, ولا يهم حقاً متى ينتهي. وكل ما فعله قرار الحظر كان إقناع مسؤولي منصات الحفر بمغادرة خليج المكسيك الذي أصيب بالشلل للأعوام الخمسة أو الستة المقبلة، وأضاف "سميث" أن الحظر يهدد بإلغاء العقود التي يتعين على مشغلي المنصات تقديمها سلفاً من أجل جمع ما بين 500 و600 مليون دولار لصنع منصات متقدمة في المياه العميقة.

ويمكن لشركات الطاقة الكبيرة نقل المنصات الى مواقع اخرى في البرازيل أو إفريقيا، وعندئذ لن يهم متى ينتهي الحظر– بعد ستة أشهر أو ثلاثة أشهر- لأن المنصات ذهبت ولن ترجع. وحسب تقديرات فريق بقاء اقتصاد الخليج الأميركي فإن الحظر قد يفضي الى فقدان أكثر من 20 الف وظيفة خلال 18 شهراً إذا انتقلت المنصات المتوقفة الى الأسواق العالمية. وحذر الفريق في بيان له من أن التأثيرات سوف تمتد لتشمل القطاع الأوسع من اقتصاد لويزيانا "وكل قطاع في اقتصادنا, من متاجر البقالة الى المطاعم, والمستشفيات والمدارس، سيتعطل بسبب قرار الحظر وقد لا يتعافى مطلقاً".

وقت المغادرة

لم تغادر أي منصة خليج المكسيك، ولكن عدد المنصات العائمة التي كانت تعمل فيه في منتصف شهر يونيو بلغ 18 منصة من أصل 33 واحدة متعاقدة. وكانت عدة شركات تستخدم تلك المنصات من أجل عمليات التدخل التي يجيزها قرار الحظر، غير أن شركة واحدة على الأقل, وهي "أناداركو" تذرعت بفقرة "القوة القاهرة" في ما يتعلق بثلاث منصات يشملها التعاقد، وتعمل في تلك المنطقة. ومن المحتمل أن يدفع استمرار الحظر شركات اخرى الى اتباع الخطوة ذاتها. وقد رفضت شركة "ترانساوشن" التي تملك احدى المنصات قبول حجة "القوة القاهرة" في قضية "هورايزون"، وهو موقف اتبعه غيرها من أصحاب المنصات. وعلى أي حال فإن النزاع القانوني قد لا يفضي الى حرب شاملة بين أصحاب المنصات ومشغليها، ويقول ماثيو بيبي، وهو كبير المحللين في خدمات حقول النفط لدى "غلوبال هنتر سيكيوريتز" إن كل جانب "يحاول حتى الآن تسوية الأمور, ولذلك قد تكون هناك عملية أخذ ورد بين الجانبين, وذلك بحكم الاضطرار الى وجود علاقة طويلة الأمد والرغبة في استمرار العمل مع العملاء, وخاصة مع وجود عدد كبير من المنصات".

وفي ما يتعلق بالقوة العاملة يضيف ماثيو بيبي: قد تحدث عمليات استغناء عن خدمات، ولكن ربما ليس بالقدر الذي حذرت منه بعض أوساط هذه الصناعة، وذلك "نظراً إلى أن حفنة من المنصات تقوم بعمل زائد، ويمكن أن ينتقل بعضها الى البرازيل".

back to top