صحافيو البرلمان أسرى الشخصانية


نشر في 03-02-2010
آخر تحديث 03-02-2010 | 00:01
 أحمد عيسى قررت الأمانة العامة لمجلس الأمة مطلع الأسبوع نقل غرفة الصحافيين من يمين المدخل الرئيسي للمجلس إلى يساره، بهدف الحد من احتكاك الإعلاميين بالوزراء والنواب أثناء دخولهم وخروجهم من المجلس، فأخذ الصحافيون البرلمانون موقفاً من ذلك معلنين مقاطعتهم تغطية أخبار المجلس ونوابه رداً على تصرف الأمانة.

لا يعني كثيراً تغيير موقع غرفة الصحافيين من اليمين إلى اليسار، أو حتى مسألة مقاطعة تغطية أخبار النواب وأعمال اللجان، لأن علاقة الصحافة بالبرلمان محددة في المادة (182) من اللائحة الداخلية للمجلس بـ»نقل وتلخيص جلسات المجلس» فقط، وهو ما يعني أن الأخبار والتصريحات ومتابعات أعمال اللجان واجتماعات النواب التي تحفل بها صحفنا يوميا عبارة عن إضافات و»extras» على العمل الأصلي.

إن إظهار ما حدث، كما جاء في بيان الزملاء الصحافيين البرلمانيين، على أنه «تضييق مرفوض وإجراءات غير مبررة»، مستغرب جداً وغير مقبول، فما حدث عبارة عن إجراء تنظيمي من صميم عمل الأمانة العامة، وجاء ليكفل للنواب والوزراء حقهم بعدم التعاطي مع وسائل الإعلام، خصوصاً أن هناك صحافيين يضغطون على النواب والوزراء للإدلاء بتصريحات تتوافق مع هوى أسئلتهم وتتواءم مع الأجندة التي يعملون على تحقيقها، كما أن البيان يدفع للتساؤل عن مدى حيادية المحررين البرلمانيين فيما ينقلونه من تصريحات وتغطيات يومية، لأنهم اعتبروا ما جرى بحقهم تقييداً للحريات، وتعاملوا مع المسألة بشخصانية.

كما أن هناك عدداً من الزملاء يرون أن تغطية البرلمان هي أرقى أنواع العمل الصحافي، لاعتبارات شخصية ونفسية لا تتعدى حب الظهور والشهرة، فيما هم لا يعرفون الفرق بين مشروع القانون والاقتراح برغبة، بل إن منهم من ينظّر في العملية التشريعية وهو يجهل الفرق بين اللائحة الداخلية والدستور، وبينهم طبعاً من يتفرغ للحديث والتدخين أثناء سير الجلسة بما يبين عدم احترامه للمؤسسة ويشتت في الوقت ذاته انتباه زملائه.

كمتابع سياسي ومراسل صحافي، أتضايق حينما أغطي أي جلسة للبرلمان، وأشعر أحيانا بالغربة بين بعض الدخلاء الذين يتقدمون الكراسي الأمامية للصحافيين، ويعتصرني الألم حينما أستمع إلى تعليقاتهم العنصرية أو ملاحظاتهم الفئوية المغيظة، ويتبادلون التعليقات السمجة تجاه النواب الذين يخالفونهم الرأي، وهو ما يجعلني أتساءل عن شكل المحتوى الذي «سيستفرغونه» على القراء في اليوم التالي، وما ذنب القراء الذين وثقوا بالصحف أو القنوات التي كلفتهم بهذه المسؤولية؟

قرار مقاطعة تغطية أخبار المجلس ونوابه الذي اتخذه الزملاء مسَّ فقط النائبين علي الراشد وحسين الحريتي والوزير أحمد الهارون، ولم يشمل النواب مسلم البراك ومحمد هايف والوزيرين محمد البصيري ومحمد العفاسي الذين تمت تغطية أخبارهم وتصريحاتهم في اليوم التالي، ما يجعلنا نتساءل عن مدى حيادية القرار ومتخذيه، وهل كانت هناك أجندة خاصة وراءه؟ وهل اعتذر الصحافيون ممن شملهم القرار والذين خالفوه لأجل آخرين؟

في علاقة البرلمان الكويتي بالصحافة، حدث في يوم ما أن أحد النواب ضرب صحافياً، وكذلك شتم أحد الصحافيين نائباً على مرأى من زملائه وخلال مؤتمر صحافي بالمجلس، كما تحول عدد من المحررين البرلمانيين إلى مسؤولين إعلاميين لدى نواب مقابل أجر شهري، وهو ما يتعارض مع أخلاقيات المهنة، لكن هذا الاستثناء لا يمكن تعميمه، رغم أنه يبدو كقاعدة، فإنه يبين بشكل أو بآخر علاقة السياسي بالإعلامي وآلية شراء الود أو الذمم في مجتمعنا السياسي.

لن أكون كبقية الزملاء الذين تناولوا ملف الصحافيين البرلمانيين، فهمز بعضهم تارة بأن أغلبيتهم غير كويتيين وتحديداً من غير محددي الجنسية، وطالبوا بإجراء استعلام عن ملفاتهم الأمنية، واتهموهم في أخرى بأنهم وراء التأزيم الذي تشهده البلاد، ولن ألمح مثلهم بأن بعض المحررين البرلمانيين مرتشٍ أو مخالف لأعراف وأخلاقيات المهنة، بل أشير إلى أن هناك 88 صحافياً يغطون البرلمان الكويتي، فهل توجد في الكويت مؤسسة يتفرغ لمتابعة أعمالها هذا الكم من الصحافيين؟

back to top