لا علاقة بين توني بلير ومهاتير محمد ومطلق المطيري، وهو الشاعر الكويتي الفحل، الملقب بحق بشاعر الجهراء، والذي شَكَّلت أشعاره مادة أساسية لفرقة الجهراء الشعبية. لشاعرنا شيلات وأهازيج وأبيات طالما رددناها صغاراً، ومازالت حية في الأذهان، من أبرزها شيلة «ياحسين أنا عيني سهيرة ماتذوق المنام»، وهي شيلة غزلية، سلسة خفيفة، يوجهها إلى صديقه حسين الجنوبي. وقد انتشرت تلك الأبيات المعبرة عن الانطلاق، والحب، والصحراء، أطال الله في عمر مطلق نهار المطيري، وأدام عليه موفور الصحة.

Ad

 لا أعرف لماذا تداخلت عليَّ أبيات شاعرنا، فقلت «يابلير أنا عيني سهيرة ماتذوق المنام». توني بلير لم يتردد في قبول المهمة التي لا يَعرف عنها وفيها الكثير. وللإنصاف، فإن المرشح الأول للمشروع كان رئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد، مهندس النجاحات الماليزية، فماذا كان رد مهاتير «نعم نجحت في ماليزيا، ولكن أن أنجح في الكويت فتلك قصة أخرى، أنا أعرف الشعب الماليزي، وأعرف كيف أخاطبه، وأحفزه، فهو شعبي وأنا منه، ولكني لا أعرف الشعب الكويتي، ولا أعرف كيف أخاطبه، فالمسألة ليست أوراقاً تُكتَب» كان رده مؤدباً، ولكنه محترم لذاته. بالطبع الفرق واضح.

الرؤية أو الخطة تعاملت معها سلطاتنا المحلية بسرية شديدة، وهناك تعليمات مشددة على فرق العمل بالتكتم، وكأنهم يعدون لخطة غزو، لا لخطة تنموية من المفترض أن تتميز بالشفافية والمشاركة. وللعلم فقد وصلني النص الكامل من أحد الأصدقاء غير الكويتيين من خارج الكويت، فعملية التوظيف تتم من خلال مكتب في دبي، حتى للكويتيين أنفسهم. بل إن التكتم كان طلباً كويتياً كما يفيد موقع اللجنة البريطانية المختصة بمراقبة الأعمال التي يقوم بها الوزراء السابقون. أما لماذا تتعامل حكومتنا الرشيدة مع الأمر بهذه السرية، فذلك يستعصي على الفهم. وبما أنه ليس من الإنصاف الحكم على الخطة إلا بعد فحصها، فإن قراءة أولية لها تكشف أنها بالمجمل عبارة عن تجميع لدراسات كويتية سابقة ولا بأس في ذلك، كما يتضح لنا أنها كُتِبت بلغة إنكليزية ركيكة، إنشائية. وحتى على افتراض تعديل اللغة، وتركيز وتحسين الصياغات، فلسنا من السذاجة لنصدق أن مشكلتنا هي مشكلة صياغة، أو وضع الخطط، أو إحضار شخصيات مشهورة، لكي يتم تنفيذ تلك الصياغات وتحويلها إلى برامج تنفيذية. ذلك الموقف ليس تشاؤماً، ولكنه واقعية شديدة وعدم ثقة بقدرة الجهاز التنفيذي في الدولة على قيادة البلد خطوة واحدة إلى الأمام. بعضنا يظن أنه بمجرد أن يضع شخص مشهور، سواء أكان توني بلير أو غيره، بصمته على صياغة معدة سلفاً فإن الأمور ستتحرك إلى الأمام، مَن يحمل هذا التصور فعليه بستين ألف عافية، وليسبح في الأحلام، «والله يهنيه ببلير اللي فيه خير». أما أنا «فلا أخلع صاحبي» وصاحبي المقصود هنا مطلق المطيري وربما مهاتير محمد.

الجانب المزعج الآخر في الموضوع هو شبهات التنفيع، فالمعلومات تتواتر عن مكاتب وأشخاص وتوظيفات، وتكليفات بخطة التنمية، وأموال سهلة، وجهات خارجية وداخلية تتحرك للاستفادة مما ستحلبه تلك الخطة لهم، وبالتالي فإن مكتب السيد بلير لن يكون إلا أداة لتوزيع الحصص على الحبايب والقرايب والجماعة. كنت متخوفاً من ضياع خطة التنمية أمّ المليارات إياها، في وحل الفساد، فأرجو أن أكون مخطئاً، وألا تكون حكايتنا هنا من هذا النوع فنزداد إحباطاً على إحباط، فمستقبل البلاد أهم من أن يتحول إلى سلعة أو شوية صور ووعود وابتسامات للضحك علينا بحجة تنميتنا.

أم أن المطلوب هو أن نقول «الشيوخ ابخص»، بليرهم وكيفهم.

طرح الثقة

حالة السخونة بدأت تتصاعد في انتظار ساعات طرح الثقة بوزير الإعلام غداً، وقد يكون يوماً تاريخياً في حالة حجب الثقة، لأنه يحدث لأول مرة، وقد «يفوت» الوزير، وفي الحالة الثانية فإن المفترض أن يستقيل الوزير إن كان رقم المؤيدين لحجب الثقة مقارباً للنصف، تلك هي روح الدستور، وذلك منطوق مذكرته التفسيرية.