استلمت قبل عدة أيام مغلفاً أنيقاً يحمل شعار الجمعية الاقتصادية الكويتية، ويحتوي على العدد الخامس من تقرير التنمية، وهو جزء من سلسلة من إصدارات الأمم المتحدة، هدفها تسليط الأضواء على نقاط الضعف في مسار التنمية العربية، وتذكرت ردود الفعل تجاه انطلاق أول تقرير عام 2002، والصراع بين المدرسة الواقعية التي تقبلت العيوب والأخطاء، والمدرسة المثالية التي اعتبرت نقاط الضعف شأناً محلياً ليس للمنظمات الدولية الحق في البحث والتعليق عليه.

Ad

ابتدأ التقرير هذا العام بموضوع أمن الإنسان وتحريره من التهديدات الشديدة الواسعة النطاق، ثم تناول تمكين الشعوب من احتواء المخاطر والاستعداد لمواجهة التهديدات البيئية والضغوط السكانية، حيث يقدر للدول العربية أن يصل تعدادها السكاني إلى 395 مليون نسمة في عام 2015، مع تقلص مساحات الأراضي الزراعية وندرة المياه، أما السكان فالحقيقة التي يجب علينا مواجهتها هي أن 60% منهم هم من فئة الشباب، أي لم يتعدّ الـ25 عاما، وهم الداخلون الجدد إلى سوق العمل، وهنا نتساءل: هل استثمرنا في تعليم وتدريب تلك الفئة؟ وإن كانت الإجابة بالإيجاب فهل يرتكز ما نعرضه من وظائف على ما نوفره من برامج تعليمية؟

ما تشير إليه الدراسات حتى يومنا هذا هو التناقض بين الالتحاق بالتعليم والطلب على العمل وابتعاد الوظائف عن مخرجات التعليم، بالإضافة إلى عدم مرونة الطلب على القطاع الخاص، واتجاه التوظيف إلى التكدس في القطاع الحكومي.

ومن الموارد البشرية إلى الموارد الطبيعية، وندرة المياه في العالم العربي، إذ يشير التقرير إلى بلوغ الموارد المائية 277 مليار متر مكعب سنويا، منها 43% من مصادر داخلية، و57% من مصادر خارجية، ويحذر من استنزاف المياه الجوفية.

أما في موضوع التغييرات المناخية فالدول العربية تعتبر الأقل من حيث انبعاث ثاني أوكسيد الكربون، إلا أنها مرشحة لتكون ضحية مباشرة لتغيير المناخ، ومن أكثر البلاد العربية عرضة للتضرر من تغيرات المناخ هي مصر والسودان ولبنان وشمال إفريقيا، وعلى الأخص منطقة دلتا نهر النيل.

وفيما يخص حقوق الإنسان في الدول العربية، يذهب التقرير إلى أن النزاعات لم تكن يوما بسبب التنوع في الهوية والمواطنة، إنما هي نتيجة غياب قنوات التمثيل الصحيح، وفيما يخص التمييز ضد النساء أصبح اعتبار من هن دون سن الثامنة عشرة «فئات مستضعفة» دوليا اليوم، مما تسبب في الرؤية السلبية تجاه «الزواج المبكر».

أما الموضوع الحيوي هذا العام فهو عدم الاستقرار بسبب تعلق الأداء الاقتصادي بأسعار البترول المتقلبة، وبالتالي مواجهة الدول العربية لمعدلات النمو السالبة، بعد أن استثمرت هذه الدول عوائدها النفطية في مشروعات البنية الأساسية والعقارات والقطاعين الخدمي والمالي، الأمر الذي جعلها عرضة للاعتماد على الخارج وتسبب بعد الأزمة المالية العالمية في اختلال الهيكل الاقتصادي وتصاعد معدلات البطالة.

وخلاصة الموضوع أن تقارير الأمم المتحدة الخاصة بالتنمية، وتوصياتها المطروحة تشكل مصدراً مهما لرسم استراتيجية تنموية مستقبلية يستطيع العالم العربي من خلالها الاستعداد لعام 2020، بتطوير الأدوات التنموية والاقتصادية، ومنها توفير نحو 51 مليون فرصة عمل للشباب.

 كلمة أخيرة: خريج يبحث عن عمل، ويتساءل: لماذا تشترط الوزارات أن تقع الكفاءات العلمية الشابة تحت إرهاب وسيطرة القدماء من الإداريين؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة