بعثت لي القارئة «ساندس» بحكاية ظريفة تقول فيها إن مجلة «رؤى» أجرت حواراً مع معلمة سعودية حول العنف الأسري فقالت:

Ad

"اسمي خلود 32 سنة متزوجة ولدي طفلان، منذ زواجي وأنا أتعرض للضرب من زوجي بسبب ودون سبب، وهو يستولي على أغلب راتبي، وكلما اعترضت لا يتردد في ضربي بالعقال أو الخيزرانة أو الحذاء، وكلما اشتكيت لأهلي قالوا لي اصبري وتحملي من أجل عيالك، وإن أغلب الرجال هكذا، عندها فكرت في تغيير طريقة تعاملي معه، فلم أعد أتحمل السكوت على إهاناته، وقررت منعه من ضربي وفرض احترامي عليه، إذا مو بالذوق فبالقوة، وطلبت منه أن أشترك في ناد نسائي فرفض، لكنه سمح باستقدام مدربة خاصة في البيت حين أخبرته أنني سأتكفل بكل المصاريف، فوافق بعد أن ضمن أنه سيرتاح من طلبي المستمر بالخروج، وأنني سأبقى بالمنزل دون أن أكلفه عناء توصيلي.

كانت المدربة التي استأجرتها محترفة وحاصلة على الحزام الأسود، طلبت منها إعطائي ساعات إضافية وعدم التساهل معي، ومع أنني صرفت الكثير من المال لكن الفائدة كانت كبيرة، وساعدني التدرب على الكراتيه في زيادة ثقتي بنفسي وتقوية شخصيتي وتفريغ شحناتي، وكنت قد نويت أن أجعل زوجي يندم إذا فكر بمد يده علي مرة ثانية بعد أن سمعت فتوى من أحد المشايخ تبيح للمرأة الدفاع عن نفسها.

ثم جاء اليوم الذي لن ينساه زوجي أبداً، فقد عاد من عمله مكشراً كعادته وطلب الغداء، ثم أخذ يتذمر من طبخي وأنني لا أنفع لشيء، فقلت له: إذا لم يعجبك طبخي فاطلب من المطعم، تعبت وأنا أطبخلك، "وراي" دوام وأطفال، ألا أستحق منك كلمة شكر من دون فلسفة و«كلام فاضي»! فغضب وقام ليضربني، لكنني لم أستسلم وأبكي كالعادة، بل هجمت عليه بكل ما تعلمته من فنون الكراتيه من ضرب وركل ورفس حتى امتلأ وجهه بالكدمات، وصار يرجوني أن أتوقف عن ضربه «داخل عليج يا أم فلان... داخل عليج»، لكنني لم أتوقف وأردت أن أذيقه من الكأس الذي أذاقني إياها سنوات عديدة، ولم أتركه إلا وهو ممدد على الأرض من كثرة الضرب الذي ناله، وأعترف أنني شعرت بالذنب لضربه أمام الخادمة والأطفال، لكنه هو من أجبرني على ذلك، فلو أنه احترمني كإنسانة وزوجة وأم لأولاده، لما كان حدث ما حدث! المهم، تغيرت معاملته لي ولم يعد يهينني أو يمد يده علي، لكنه طلب مني التوقف عن التدرب على الكراتيه، وقبلت، لأنني حصلت على الاحترام الذي أستحقه... ومن اليوم وطالع... من لا يحترم المرأة بالأدب والذوق، سيحترمها بالقوة وبالعنف"!

والواقع أن خلود ليست أول من «تدبغ» زوجها، فهناك ثورة نسائية تجتاح العالم، والدراسات الأخيرة التي تناولت عنف الزوجات مرعبة ومزعجة لكل رجل يقدم على الزواج، لأنه لابد له إن أراد أن يعيش بسلام ووئام أن يأخذ حذره مبكراً، فيلتحق بناد صحي يتدرب فيه على فنون القتال والدفاع عن النفس ليكون في كامل لياقته تحسباً لأي خلاف في الرأي أو سوء تفاهم يحصل في ليلة الدخلة، وحتى يدخل الرعب في قلب عروسه من المواجهة الأولى، وإلا سوف ينضم إلى قائمة الأزواج المدبوغين حول العالم، وما أكثرهم، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن 23% من الزوجات البريطانيات و20% من الروسيات، و17% من الأميركيات، و11% من الهنديات، و10% من التونسيات، و5% من الجزائريات يضربن أزواجهن ضربا مبرحا... وغير مبرح!

أما الصدارة فكانت للزوجة المصرية «الجدعة»، حيث بلغت نسبة الزوجات المفتريات اللواتي «ما عندهمش يما ارحميني» 38%، ويبدو أن موضة قتل الأزواج بالساطور في أواخر الثمانينيات قد أخرجت جيلا من النساء الحديديات اللواتي لا علاقة لهن بسلوكيات وتصرفات «أمينة» زوجة «سي السيد» الخانعة الذليلة المطيعة له في كل شيء، وأصبح سي السيد نفسه يخاف ويرتجف لرؤية أمينة، والتي على ما يبدو أصبحت تنافس الفنان عبدالفتاح القصري في دور البلطجي حين كان يعلق على الحائط ساطورا اسمه «عنكب» وعصا غليظة اسمها «الحاجة زهرة» جاهزة للتدخل وحل المشاكل في أي لحظة!

في الكويت، لا توجد إحصائية متوافرة لمثل هذا الأمر، وإن كنت أتوقع أنها لا تقل كثيرا عن النسبة في مصر، لأنني أعرف عددا من الأزواج، لولا أن الله أعطاهم القدرة على تهدئة الثورات وحسن إدارة الأزمات، لكانوا في خبر كان منذ وقت طويل!