الكويتيون أولى بلحم ثورهم!
لا اعتراض لدى أي مواطن على إعطاء الإخوة الوافدين نفس الأدوية التي تعطى للكويتيين، لكن يجب أن يتم هذا بطريقة صحيحة ومدروسة، بحيث تحسب كميات الأدوية المتوافرة لدى وزارة الصحة أولاً، ثم يوضع جدول زمني لبدء تطبيق القرار، بعد أن توفر الوزارة الكميات المطلوبة لتنفيذه.
ذهبت قبل أيام إلى المستوصف من أجل مراجعة السكر، وبمجرد اقترابي من الشباك الخاص بالملفات وجدت ورقة على الشباك تقول إن أدوية السكر ستصرف للمرضى لمدة شهر واحد فقط، وعلى المريض الذي مراجعته بعد شهرين أن يأتي في نهاية الشهر لأخذ بقية الكمية!عملت فحصاً للسكر ودخلت على الطبيب، فكتب لى بعض الأدوية الجديدة بناءً على فحوصات كنت قد أجريتها قبل عشرة أيام، وما إن انتهى من كتابة الوصفة، حتى قال: "إن شاء الله تكون موجودة... وإلا مالك إلا أن تشتريها من برّة" فسألته: "ما حكايتكم مع الأدوية؟" قال: "والله عندنا نقص هالأيام" قلت: "خير؟... ما السبب؟" فاكتفى بالابتسام وهو يسلمني "الروشتة"، توجهت بعد ذلك إلى الصيدلية واكتشفت أن الطبيب قد كتب لي "أماريل- 2مغ" أربع حبات يومياً خلاف ما كنت آخذه سابقاً، وهو "3مغ حبتين- وحبة 2مغ"، وسألت الصيدلي فقال هذا الموجود حالياً! بعد يومين... التقيت بصديق طبيب للسكر فقصصت عليه ما جرى، فقال مبتسماً هذه من بركات القرار الأخير للسيد الوزير، واحمد ربك أنك حصلت على أدويتك لأن القادم سيكون أسوأ، ثم حكى لي ما جرى قبل أكثر من أسبوعين حين اجتمع وزير الصحة مع أطباء السكر ليعلمهم بقراراته الجديدة، ومنها أن يصرف المريض الوافد نفس الأدوية التي يتلقاها المريض الكويتي، وقد كان في السابق يتلقى أدوية بديلة، وكانت الأفضلية في صرف الأدوية للمريض الكويتي الذي يخصص له الأدوية الأغلى ثمناً مثل "أماريل" الذي يستمر عمله 24 ساعة ويتناول منه جرعة واحدة طوال اليوم، فيما يعطى للإخوة الوافدين دواء آخر يعمل لمدة 12 ساعة، ويؤخذ مرتين في اليوم، وحين اعترض بعض الأطباء وقالوا لهم إن ذلك سيخلق لهم متاعب مع بعض المرضى المزعجين، قال لهم الوزير: "اللي يدوخكم... عطوه"!على أي حال... لا أتوقع أن يكون الوزير قد قال هذا الكلام حرفياً، ولا أتمنى ذلك، وإن كان قد قاله فلن أستغرب كثيراً، لأنها سياسة الحكومة دائماً، فهي لا تخضع سوى لمن يدوّخها ويوجع رأسها، ولهذا كثر معارضوها من أصحاب الأصوات العالية، لأنهم أدركوا أن المكاسب أكثر والفوائد أعظم مع حكومة "دماغها متكلفة" كما يقول سعيد صالح، ولا تريد "دوخة أو عوار راس" من أحد، ولذلك فمن يدوّخها تعطيه... وتقبل رأسه أيضاً!أعود إلى وزير الصحة وأقول له إنه لا اعتراض لدى أي مواطن على إعطاء الإخوة الوافدين نفس الأدوية التي تعطى للكويتيين، لكن يجب أن يتم هذا بطريقة صحيحة ومدروسة، بحيث تحسب كميات الأدوية المتوافرة لدى الوزارة أولاً، ثم يوضع جدول زمني لبدء تطبيق القرار، بعد أن توفر الوزارة الكميات المطلوبة لتنفيذه، لا أن تكون المسألة ارتجالية وسائرة على البركة، فخلال أسابيع قليلة لن يجد مريض السكر الكويتي أدويته وسيضطر إلى شرائها من الصيدليات بأسعار غير مدعومة من الدولة، وتعادل أضعاف ما تباع به في الدول المجاورة!أما أسوأ ما في الأمر، فهو ما حدث بعد هذا القرار، فقد توقف الأطباء عن كتابة وصفات الدواء في الملفات الخاصة بالكويتيين، التي كانوا من خلالها يحسبون الكمية التي صرفت للمرضى فلا يتسرب شيء منها إلى الخارج، أما الآن، فالأمر أصبح أيسر وأسهل، وسنرى يوماً بعد يوم أدوية الوزارة وهي تتسرب منها لكل مَن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فقبل أيام تمكن رجال الإدارة العامة للجمارك من إحباط محاولة لتهريب بعض الأدوية تتجاوز قيمتها آلاف الدنانير عبر شاحنة متوجهة إلى دولة مجاورة!عزيزي وزير الصحة... لست وحدك من يكن الحب والتقدير والتعاطف مع الإخوة الوافدين، فكلنا نشاركك في هذا وأكثر، لكن هناك أولويات يجب اتباعها دائماً، وأولها أن الكويتيين أولى بلحم ثورهم، وأحق بأدوية الوزارة من غيرهم في حالة نقصها، ولذلك نتمنى منك إعادة النظر في هذا القرار مرة أخرى، أو تأجيل العمل به، على الأقل، لحين الاستعداد الفعلي لتنفيذه.