لم يسبق لي أن التقيت الكاتب الكبير عبداللطيف الدعيج إلا مرة واحدة مصادَفةً، ولم يتجاوز ذلك اللقاء الدقائق العشر، بينما أتشرف بالتواصل المستمر مع أستاذي أحمد الديين. لذا، أعرف عن الديين أكثر مما أعرف عن الدعيج بكثير. وأنا هنا أتحدث عن المعرفة الشخصية، لا عن الأفكار والآراء التي أقرأها كغيري في مقالاتهما.

Ad

وأن تطعن أحمد الديين أسفل الترقوة، كما يفعل فرسان بني فزارة، أهون عليه من أن تتهمه بالكذب. وهو لذلك يحرص على دقة المعلومة وتفاصيل المقالة أكثر من حرص أم العروس على تفاصيل زينة ابنتها ليلة العرس.

وكما قالت قارئة الفنجان لنزار قباني: "بصّرت ونجّمت كثيراً، لكني لم أقرأ أبداً فنجاناً يشبه فنجانك..."، أقول عاشرت وخالطت كثيراً لكني لم أرَ صدقاً كما رأيته في أحمد الديين إلا نادراً، ومن هؤلاء النادرين الزميل الكبير صالح الشايجي، وهو لا يشبه أحمد الديين في الصدق فحسب، بل في النزاهة والزهد والحرص على نظافة اليد والشموخ، وأشياء أخرى الله يعلمها.

والديين، أطال الله عمره، أرشيف متنقل. وهو مرجع لكثير من الكتّاب والباحثين، والمعلومة التي يعطيكها ضعها في محفظتك وتوكل على مولاك. لا تبحث خلفه.

وقبل أن أتحدث بإيجاز عن جائزتي العظيمين، الديين والدعيج، ألفت الانتباه إلى أن عظمتهما ليست فقط لأنهما أول محترفَين كويتيين في الصحافة، بل إضافة إلى ذلك، لثبات موقفيهما منذ الستينيات إلى يومنا هذا، ولا تكاد تخلو مقالة لأحدهما من كلمات مثل: "الدستور، قوانين الدولة، الحريات، التنمية..."، وأيضا لزهدهما الواضح في المنصب، في حين يحرص البعض على مراعاة مشاعر الحكومة بحثاً عن لقب وزير، فتراه في مقالاته يتلوّن ويتمحلص ويتشقلب في سبيل ذلك... يا عيب الشوم.

وبالنسبة إلى الجائزتين السنويتين، أقترح أن تحمل أولاهما اسم أحمد الديين وتُخصص لكتاب المقالات الكويتيين ممن لم يتجاوزوا خمساً وثلاثين سنة، وتحمل الأخرى اسم عبداللطيف الدعيج وتخصص للمدونين الكويتيين، وأن يتم تشكيل لجنة من ثلاثة من كبار الكتاب الكويتيين، على أن تفتح اللجنة حساباً بنكياً للجائزتين، تتلقى فيه المساهمات. واللجنة هي من يضع شروط الجائزة، كي نتمكن من خلال اللجنة تلك من تطهير الثوب الصحافي الأبيض من الدنس، وتسليك أذن القارئ مما وقر فيها، وتقويم الأعمدة الصحافية المتمايلة.

والأهم أن تكون الجائزة شعبية، أكرر، شعبية، إذ لا نريد من الحكومة جزاء ولا شكوراً، فهذا التكريم نابع من الشعب تجاه من تبنى قضايا الشعب، وساهم في تعزيز الحريات.

***

هذا المقترح قابل للتغيير بحسب آراء الزملاء والقراء، ومن يود إضافة أي مقترح فليشرفني برسالة على الإيميل أو باتصال هاتفي، أو فليعرض فكرته في مقالة، مع التأكيد على أن المشاركة بالاقتراحات ليست مقتصرة على الكتاب بل مفتوحة للجميع. وبدلاً من أن نتساءل عن الفاعل، فنجيب أنفسنا: "ضمير مستتر تقديره هو"، ثم نقيّد القضية ضد مجهول، تعالوا نكتب بالخط الحيّاني: "الفاعلان هما الديين والدعيج، والتقدير لهما".

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء