2 أغسطس 1990 هو تاريخ لا يفارق الذاكرة الكويتية مهما طال الزمان... تمر علينا اليوم الذكرى العشرون للغزو الصدامي الغاشم... لنستذكر الأحداث في ومضات خاطفة... لعل من المفيد اليوم أن نستحضر بإيجاز "بعض" الإنجازات والإخفاقات... لكي نتمكن من استشراف المستقبل بشكل أفضل.

Ad

لقد كانت حادثة تزوير الانتخابات في 1967 ومن ثم الانقلاب على الدستور في 1976 بداية محاولات تقييد الحريات السياسية التي كفلها دستور 62، وقد وقَّعت أندية وجمعيات نفع عام (ما عدا جمعية الإصلاح الاجتماعي حسب د. أحمد الخطيب) بياناً للمطالبة بعودة الدستور، فتمّ حل الأندية التي وقَّعت هذا البيان، من ضمنها نادي الاستقلال الذي يمثل التيار الوطني... فهيمنت في تلك الفترة الأحزاب الإسلامية السياسية نتيجة لتحالفها مع الحكومة التي منحتها امتيازات كثيرة واستثناءات عديدة (كإنشاء بيت التمويل الكويتي الذي تم إعفاؤه من جميع الشروط التي تلتزم بها المؤسسات المالية الأخرى)... وفي 1980 تم العبث بنظام الدوائر فتحولت من 10 إلى 25... ليستمر سعي الحكومة إلى وأد دستور 62 في محاولتها لتنقيحه وإفراغه من محتواه إلا أن مجلس 1981 أفشل ذلك المشروع... لتتوالى بعد ذلك الأزمات واحدة تلو الأخرى، كأزمة المناخ في 1982... وحل مجلس الأمة حلاً غير دستوري مرة أخرى في 1986، فقُيِّدت الحريات وفُرِضت الرقابة على الصحافة بشكل كبير... وفي 1989 انطلقت الحركة الشعبية السلمية (ديوانيات الاثنين) مطالبة بعودة الحياة النيابية، فحدثت على إثرها مواجهات مع عناصر "الداخلية"... ليتأسس المجلس الوطني كبديل عن مجلس الأمة في 1990... ومن ثم حدث الغزو الصدامي الغاشم في 2-8-1990... لتلتف جميع الطوائف حول الشرعية الكويتية في مؤتمر جدة.

تحررت الكويت في 26-2-1991... وعادت الانتخابات في 1992... فأفرزت حقبة ما بعد الغزو الكثير من التغييرات والأحداث، كبروز التيارات السياسية بشكل علني بالرغم من حظر إشهار الأحزاب... والحكم بالحبس على أول سجين رأي في 1999 وهو الدكتور أحمد البغدادي... وفصل منصب ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء في 2003... كما شهدت الكويت أحداثاً إرهابية في 2005 خطط لها تنظيم "أسود الجزيرة"... وفي 2006 أحدثت وفاة سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله أزمة حكم، بسبب مرض سمو ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح رحمه الله، فتم حل الأزمة دستورياً وتولى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح مقاليد الحكم... كما ألغت المحكمة الدستورية قانون حظر التجمعات في 2006... وأُقرّ في نفس السنة قانون المطبوعات والنشر "غير الدستوري" الذي غلَّظ العقوبات وفتح تراخيص الصحف... وتم إقرار قانون تقليص الدوائر الانتخابية إلى 5 دوائر بعد تبني الحركة الشبابية لحملة "نبيها خمس"... ثم جاءت أزمة تأبين "مغنية" في 2008 لتعمق الانقسام الطائفي... أما في 2009 فقد نجحت أربع نساء في الانتخابات البرلمانية لأول مرة في المسيرة الديمقراطية... وشهد هذا العام أول صعود لمنصة الاستجواب لرئيس مجلس الوزراء في تاريخ الكويت... كما طعنت المحكمة الدستورية في قانونين غير دستوريين الأول قانون الجنسية، الذي يفرض موافقة الزوج لزوجته للحصول على جواز سفر، والثاني قانون الانتخاب الذي يشترط للمرأة في الترشح والانتخاب الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية... وما زال التيار الديني المتشدد يفرض ضوابطه "غير الدستورية" في سعيه إلى خنق الحريات، آخرها محاولة فرض الحجاب على الشرطة النسائية... ولا تزال الحكومة تحاول فرض المزيد من القيود على قانون المطبوعات بعد أن أثارت قناة السور سخط القبائل بسبب الطرح العنصري الذي تسبب في أزمة شعبية... وتتسارع الأحداث في الفترة الأخيرة ليقر قانون الخصخصة... ويُحبَس الكاتب محمد الجاسم في أمن الدولة في قضية رأي، الأمر الذي أثار ردود أفعال محلية ودولية ساخطة... وتتفاقم أزمة "البدون" المحرومين من أبسط الحقوق الإنسانية لتشكل ضغطاً محلياً ودولياً... ثم العودة إلى إثارة قضية تعديل مناهج التربية الإسلامية "الطائفية"... وأزمة كهرباء تتكرر في صيف 2010... وأخيراً حملة لمشروع التنمية دون تأسيس هيئة لمكافحة الفساد، الذي ينخر في مؤسسات البلد!

من الواضح بعد إلقاء نظرة سريعة على تلك المحطات أن هناك في كل مرحلة خطوات للأمام وأخرى للخلف.

"سأتغير... حتى نبقى" حملة تبناها شباب "موجة التغيير" الواعد... فبالتغيير والصعود والحراك الدائم نبقى... ونرقى.