المتمردون الحوثيون ومواجهة المصير المحتوم
المتمردون الحوثيون أصبحوا اليوم في وضع يائس بعد أسبوعين من ارتكابهم خطأً مميتاً بفتحهم جبهة عسكرية جديدة ضد السعودية التي قامت قواتها بمواجهتهم وتدمير أوكارهم، وأحكمت الحصار عليهم وطاردت فلولهم واصطادت المتسللين منهم عبر الشريط الحدودي، حيث كانوا يتسللون متنكرين بأزياء نسائية، ويتخفون بين السكان المحليين، وينقلون الأسلحة والأموال بهدف العبث بأمن واستقرار المملكة، وبلغ الغرور بهؤلاء أنهم ظنوا أنهم قادرون على مواجهة قوات دولتين، لكن خاب ظنهم، إذ أحكمت القوات السعودية سيطرتها على جبل دخان، وقامت بتمشيط كل المناطق الحدودية وتطهيرها من العناصر المخربة.كانت الاستراتيجية العسكرية السعودية فاعلة في مواجهة حرب العصابات الحوثية، وحققت أهدافها في تأمين الحدود السعودية وحماية السكان، ونجحت فيما أخفقت فيه قوات دول كبرى في حرب العصابات ضد الجماعات الانفصالية التي تهاجم قوات الدولة وتتخفى بين السكان، كما هي الحال في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان.
عمدت القوات السعودية ومنذ البداية وكخطوة استراتيجية أولى إلى إجلاء سكان 240 قرية في محافظة الحرث وإيوائهم وتوفير كل احتياجاتهم، وتم إعلان المحافظة منطقة عسكرية، في الجانب الآخر نشط الجيش اليمني في تدمير تحصينات المتمردين الحوثيين في محافظة صعدة، وواصل تقدمه وحقق نجاحات كبيرة بعد 3 أشهر من بدء الحرب السادسة ضد المتمردين إثر فشل كل جهود الوساطة والصلح، وهكذا وضع المتمردون الحوثيون بعدم تبصهم رأسهم بين فكي الكماشة التي تزيد الخناق عليهم كل يوم ليصبحوا في حالة انهيار وتقهقر. وطبقاً لمصادر الأخبار، أخفق الحوثيون في حساباتهم وفشلت مراهناتهم، عولوا على حرب العصابات، فخسروا وظنوا أن الطبيعة الجبلية الوعرة مانعة لهم فباؤوا بالفشل، وحتى مراهنتهم على السكان المحليين ليكونوا عوناً لهم لم تحقق أهدافها، إذ انقلبوا عليهم عندما أصبحوا مصدر أذى لهم، ولم تغنهم مساندة إيران لهم كما لم ينفعهم البيان اليتيم لمرشد جماعة الإخوان في مصر الذي طالب السعودية بوقف القتال. يراهن الحوثيون اليوم على تدخل إيراني للوساطة مع السعودية ومع اليمن لعلها تنقذهم من مواجهة مصير محتوم، فقد تضاربت الأنباء حول زياره يزمع القيام بها متكي وزير خارجية إيران إلى السعودية قبل موسم الحج، إلا أن اليمن أعلن رفضه التام لأي تدخل إيراني في شؤونه الداخلية، مؤكدا أنه كفيل بحل قضاياه دون تدخل أو وساطة الآخرين، ورافضا أي وصاية على أي من أبناء الشعب اليمني، وصرح الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بأنه لا مصالحة مع المتمردين، وقال: «نحن بدأنا الحرب الحقيقية منذ 3 أيام، ولا توقف على الإطلاق مهما كلفتنا من مال وشهداء، لا مصالحة ولا مداهنة ولا وقف للحرب إلا بعد نهاية هذه الشرذمة الباغية المتمردة». ومن جانبها أعلنت السعودية أنها لن توقف الغارات الجوية قبل تراجع الحوثيين عشرات الكيلومترات عن الحدود، كما أعلن وزراء خارجية التعاون وقوفهم وتضامنهم مع السعودية في مواجهة الاعتداءات التي قام بها المتسللون الحوثيون إلى أراضيها، كما أكدوا دعمهم لوحدة واستقرار اليمن، وردوا على تصريحات وزير الخارجية الإيراني الذي حذر دول المنطقة من التدخل في شؤون اليمن قائلين: إن على إيران عدم التدخل في شأن اليمن! تحذيرات متكي تثير مفارقات كبيرة، إذ يطالب دول المنطقة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، ولا تكاد دولة عربية في المنطقة تسلم من تدخل الحكومة الإيرانية في شؤونها الداخلية، إيران تنفق أموال الشعب الإيراني بسخاء في شراء الولاءات والصحف والأقلام والجماعات المؤيدة لها في الدول العربية وهي تقدم كل أنواع الدعم لكل الجماعات المتمردة على حكوماتها الشرعية وتساندها في مشاريعها الانفصالية بهدف تكوين دويلات أو جيوب في خواصر كل من لبنان وفلسطين ومصر والسعودية واليمن، تكون موالية لها وتأتمر بأوامرها، بدءاً من «حزب الله» ومروراً بـ«حماس» ووصولاً إلى الحوثيين. إيران تحشر أنفها في كل خلاف سياسي عربي، وهي توجد في كل بؤر الصراع حتى انطبق عليها المثل العربي «في كل واد أثر من ثعلبة» لقد أصبحت إيران بتدخلاتها الواسعة عامل تأزيم وعدم استقرار في المنطقة عبر وكلائها المحليين، مثل جماعة الإخوان في مصر و«حزب الله» في لبنان و«حماس» في فلسطين والحوثيين في اليمن والجماعات التابعة لها في العراق. لقد كان بيان مرشد جماعة الإخوان في مصر، بيانا يتيماً إذ يطالب السعودية بوقف القتال فوراً ضد الحوثيين، شذوذ هذا البيان يأتي من خرقه للإجماع العربي والإسلامي والدولي المؤكد لحق السعودية في رد العدوان الحوثي على أراضيها، وهو بيان متحيز، إذ يطالب السعودية بحقن الدماء ولا يطالب الحوثيين بالكف عن عدوانهم! كما يهدف البيان إلى تشكيل جبهة ضغط على السعودية لأنه يطالب العلماء والفقهاء في كل أنحاء العالم الإسلامي بالتدخل ومناشدة العاهل السعودي وقف القتال. لقد أثار البيان استنكاراً عريضاً في الأوساط المصرية وتركزت معظم الانتقادات على أن موقف الإخوان في مصر يتماهى مع مخططات الحكومة الإيرانية وطموحاتها في المنطقة، وتساءل سياسيون مصريون عن موقف الإخوان الذي ظهر فجأة حين حققت السعودية ردعها للعدوان الحوثي، بينما لم يصدر منهم أي بيان في السابق يدعو الحوثيين لوقف إراقة دماء الشعب اليمني، أليس في ذلك نوع من المسارعة لنجدة الحوثيين بعد تقهقرهم؟! يكفي في شذوذ هذا البيان أن جماعة الإخوان في سورية أصدروا بياناً هاجموا المخطط الحوثي (الأثيم) في اليمن والسعودية، وقالوا إنه يندرج ضد مخطط مرسوم هدفه تقسيم البلاد العربية والإسلامية، لكن لا يستغرب موقف مرشد جماعة الإخوان في مصر، فمواقفه الداعمة للجماعات المتمردة والتي تتبنى مشاريع انفصالية، معروفة وكذلك دعمه للطموحات الإيرانية في المنطقة معروف ومعلن. نعم استطاعات السعودية تقليم المخالب الإيرانية التي حاولت العبث بأمنها، ونجحت في قطع الذراع التي أرادت هز استقرارها، وهي قادرة أيضاً على منع الحجاج الإيرانيين من الإتيان بأي عمل من شأنه تعكير صفو الحج أو إثارة الاضطرابات في بيت الله الحرام، ويبقى أن نقول إن المتمردين الحوثيين أصبحوا اليوم في وضع حرج، ولن ينفعهم طوق النجاة الإيراني، وليس لهم إذا أرادوا النجاة من مواجهة المصير المحتوم إلا الاستسلام وقبول الشروط الستة التي وضعتها اللجنة الأمنية اليمنية العليا وهي: الانسحاب من جميع المديريات، ورفع كل النقاط المعيقة لحركة السكان من الطرق، والنزول من الجبال والمواقع المتمترسين فيها، وتسليم المعدات التي تم الاستيلاء عليها، والكشف عن مصير المختطفين الأجانب الستة بالإضافة إلى تسليم المختطفين من أبناء منطقة صعدة، وعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية. * كاتب قطري كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة