"آن كولتر" إحدى خطيبات المحافظين وأشهرهم، التي تتنقل من جامعة إلى أخرى بطول أميركا الشمالية وعرضها لإلقاء خطاباتها التي تحمل نبرة عنصرية وتمييزاً عرقياً ضد المسلمين بشكل خاص، ألقت محاضرة الأسبوع الماضي في جامعة "ويست أونتاريو" بمدينة لندن الكندية، وكان قرر لها أن تلقي محاضرة مماثلة في جامعة أوتاوا العاصمة، لكن اتحاد الطلبة هنا فرض حصارا رهيبا حال دون وصولها إلى قاعة المحاضرة بعد أن أطلق الطلبة صافرات إنذار الحريق وأخلوا الجامعة.

Ad

هدد الطلبة السيدة "كولتر" برفع أمرها الى القضاء الكندي، والذي يستطيع محاكمتها اذا تعدت باللفظ على شريحة من شرائح المجتمع لها معتقداتها وعاداتها وتقاليدها. لم يسمح الطلبة للمتحدثة المحافظة بأن تلقي خطابها كي يحاكموها عليه. كان يكفي ما رددته في كليات أخرى بلغ عددها أكثر من مئة كلية، تناولت فيه ألفاظا جارحة بحق الجالية المسلمة، الذين طالبتهم على سبيل المثال بالسفر مستخدمين الجمال بدل الطائرات، تعليقا منها على ردة فعل الجالية على التعسف الأمني في مطارات العواصم العالمية.

"آن كولتر" قارنت نفسها بالمتحدث الفلسطيني عمر برغوثي الذي حاضر في ذات الجامعة ولم يتعرض لما تعرضت له، وهو الذي قدم ما أسمته "خطاب الكراهية ضد إسرائيل". السيدة "كولتر" لم تفرق في مقارنتها بين خطاب سياسي يتناول العلاقة بين بلدين أو بتعبير أدق بين شعبين بينهما صراع تجاوز نصف القرن بكثير وخطاب سوسيولوجي يتناول الحياة الاجتماعية في مجتمع كندي متباين الفئات، وهو مجتمع مشابه في تركيبته للمجتمع الأميركي ويختلف في الوعي الاجتماعي، فالأول يسمي تباينه الثقافي "موزاييك" والثاني يصر على "الانصهار" في ثقافة المجتمع الأميركي.

غضب "كولتر" كان من ردة فعل الطلبة المتظاهرين واتحادهم الكندي بجميع فئاته، وهو الفعل الذي لم يترك لها مجالا لتقول إنهم مجموعة من الارهابيين المسلمين في أوتاوا كما في غيرهم من العواصم الغربية. ورغم أن خطاب المتظاهرين كان واضحا لها "راقبي فمك وزني كلماتك بحق الآخر" فإن ردة فعلها تنم عن تأصل خطاب الكراهية لديها ولدى أتباعها الذين يقودهم "عزرا ليفانت" وهو الرجل الذي تم التحقيق معه من قبل لجنة حقوق الإنسان لإعادته نشر الرسوم الدنماركية المعروفة. أخذت "كولتر" تلقي تصريحات ذكرتني بتصريحات مشابهة لا مجال لذكرها هنا مثل "هل يعتبر خطاب كراهية أن أنصح المسلمين أن يستحموا مرة في الأسبوع"، ثم هجومها على كل كندا" عليهم أن يتمنوا ألا تنقلب عليهم الولايات المتحدة الأميركية وتضمهم اليها ذات ليلة؛ (إنهم) محظوظون (اننا) تركناهم يعيشون في هذه القارة" "الأقواس الداخلية للكاتب".

ان خطاب الكراهية حين ينطلق لا يستطيع أحد أن يتكهن أين ينتهي به المطاف. ورغم أنه خطاب غير مرغوب فيه في الذهن المجرد فإنه خطاب يلقى رواجا ومؤيدين ومشجعين تعمي أعينهم سحابة كراهية لا يرونها.

السؤال المهم هنا والغرض الذي أردته من المقال هو: لماذا دافع اتحاد الطلبة الكندي عن الأقلية المسلمة واستطاع أن يمنع محاضرة سيدة تحمل بغضا لهذه الأقلية؟ الاجابة باختصار ان الاتحاد ثار مدافعا عن قيم اجتماعية آمن بها ووجد من خلالها وعاش لها وبها وأي انتقاص من هذه القيم سيضر بمبادئ المجتمع. إن الدفاع عن الآخر هو دفاع عن ذاتك. ومنا الى "جماعتنا".

*تنويه: الجملة الأولى في مقال الأسبوع الماضي الذي نشر يوم الخميس تم تحويرها لتخرج عن سياق المقالة.