الثورة والدولة!

نشر في 09-02-2010
آخر تحديث 09-02-2010 | 00:01
 صالح القلاب قال المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن رئيس الوزراء الفلسطيني إنه "يؤسس فلسطين"، ويبدو أن هذا الانطباع تكوَّن لدى هذا الصحافي الإسرائيلي، واسمه بن كسبيت، نظراً إلى مشاركة سلام فياض في مؤتمر انعقد قبل أيام بمدينة هرتسيليا على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، التي أخذت اسمها من اسم ثيودور هيرتسل الذي يعتبر صانع دولة إسرائيل، وينتصب له تمثال كبير على مدخل هذه المدينة التي كانت بداية استيطان الإسرائيليين في فلسطين.

قال هذا المحلل الإسرائيلي إن فياض قَدِم إلى هرتسيليا يوم الثلاثاء (الماضي)، وهو يعتقد أن مشاركته ستقتصر على مجرد نقاش عام، وهكذا، ولأنه لم يكُن قد أعدَّ خطاباً جاهزاً، فقد وجد نفسه فجأة وهو يلقي خطاب هرتسيليا الفلسطينية، مضيفاً أن فياض لم يرتبك... وتحدث بلغة إنكليزية طليقة وطرح رؤيته بكل وضوح... دولة مستقلة خلال عامين فوق كل الأرض التي احتُلت في عام 1967 ومن ضمنها القدس الشرقية.

وأضاف بن كسبيت أن فياض الذي لا يمتلك دولة كان في هرتسيليا شجاعاً ويعرف ما يريد، بينما كان نتنياهو صاحب الدولة، خائفاً لا يعرف ما يريد، وصحيح أن رئيس الوزراء الفلسطيني الذي يصفه الإسرائيليون بأنه ديفيد بن غوريون الفلسطيني، والذي عندما بزغ نجمه قبل أعوام في أجواء الصراع مع الإسرائيليين لم يأخذه أحد على محمل الجد، لكن هذا الرجل الرمادي العنيد عمل بجدية ضد كل الاحتمالات والعصابات ونجح.

أما اليوم، والكلام للمحلل الإسرائيلي الآنف الذكر، فهو يشكل تهديداً جديّاً وملموساً لاستمرار الوضع القائم... لقد طرح خطة عملية تتعاظم الآن، وغدا الأميركيون يرون فيه نوعاً من المسيح المُخلِّص، أما الأوروبيون فإنهم يعلقون عليه الآمال... والأمر الأهم هو أن الوضع على الأرض (الفلسطينية) تغير بصورة دراماتيكية، وستكتمل الصورة خلال عامين كما يأمل، لتُعلَن دولة الفلسطينيين المستقلة على حدود يونيو عام 1967.

وهنا، لابد أن نذكر أن مُطلِق الثورة البلشفية فلاديمير أليتش لينين، فرَّق بين الثورة والدولة، فرجال الثورة يختلفون عن رجال الدولة، لذلك فإن معظم الذين عادوا مع الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات من رحلة المنافي الطويلة، فشلوا في كل محاولاتهم لإقامة دولة، وهذا ما جعل سلام فياض الذي لم يشارك في هذه الرحلة، محطَّ أنظار الفلسطينيين والعالم بأسره، لإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة، والسبب أنه ألقى الشعارات جانباً وبدأ التنفيذ العملي على الفور، ودافعه أن خطوة عملية واحدة خيرٌ من دزن من التنظيرات والشعارات... لقد التقط رئيس الوزراء الفلسطيني الحلقة الرئيسة، وبدأ بناء دولة شعبه على أرض الواقع، تاركاً لرجال باقي ما تبقى من ظاهرة الكفاح المسلح، الشعارات وصخب الكلام، منطلقاً من أن الثورة شيء والدولة شيء آخر.

back to top