هذا الميدان يا حميدان
عندما تشكلت الحكومة الجديدة صدر تصريح عن سمو رئيس الوزراء يقول إن أعضاء الحكومة وفي مقدمتهم سموه سوف يواجهون أي استجواب يقدم لهم، وإن بالطبع هذا التصريح جاء على خلفية الاستقالات المتكررة لحكومات الشيخ ناصر والحل المتكرر لمجلس الأمة في كل مرة كان يوجه فيها استجواب لسمو رئيس الوزراء. الموقف الجديد للحكومة كما– ورد على لسان سمو الرئيس- أصبح على المحك، فها هو استجواب مسلم البراك لوزير الداخلية قد قدم، وعلى الحكومة إذا كانت جادة في مواجهة الاستجواب وكسر البعبع الذي يهددها به بعض النواب أن تثبت مصداقية هذا الكلام، وأنها على مستوى المواجهة، وذلك بأن تتصدى للاستجواب، خصوصا أن الشيخ جابر الخالد أعلن مراراً أنه مستعد لمواجهة أي استجواب يقدم له.
أعتقد أن استجواب وزير الداخلية فرصة ذهبية للحكومة لكي تتخطى عقدة الاستجوابات، وينبغي عليها ألا تلتفت إلى الأصوات التي تشكك بدستورية محاور الاستجواب، وتطالب بإحالته إلى المحكمة الدستورية أو إلى اللجنة التشريعية، وحتى على فرض وجود شبهة دستورية في الاستجواب فإن الأفضل للحكومة أن تواجه الاستجواب دون لف أو دوران أو تأخير، لأن «الرمح من أول ركزة». أما إذا اختارت الحكومة اللجوء إلى الهرب من الباب الخلفي عن طريق طلب إحالة الاستجواب إلى المحكمة الدستورية أو طلب تأجيله إلى دور الانعقاد القادم فإنها تثبت أن «حليمة عادت لعادتها القديمة»، وتثبت أيضاً أنها لا تتعلم من دروس الماضي، وعندها سوف تلقى مصير ما سبقها من حكومات.من الصحيح أنه كانت هناك مطالبات نيابية كثيرة لرئيس الوزراء بعدم توزير الشيخ جابر الخالد، وهذا من حق النواب، فإنه من الناحية الأخرى من حق رئيس الوزراء أيضاً أن يختار من يشاء من الوزراء، ولكن في المقابل عليه أن يتحمل مسؤولية خياراته وقراره بتوزير هؤلاء الوزراء، وعلى الوزراء من جانبهم مسؤولية مواجهة ما يوجه إليهم من مساءلة واستجواب دون تذمر أو تبرم، حتى لا يكونوا عالة على رئيس الوزراء. الشيخ جابر الخالد خلق لنفسه الكثير من العداوات، بعضها بسبب تطبيقه للقانون، وبعضها بسبب أخطاء وهفوات وتصريحات غير موفقة، وحان الوقت لكي يواجه خصومه، فإما أن يثبت أنه أهل للعودة لهذا المنصب من خلال تصديه لكل ما يثار ضده في الاستجواب، وإما أن يفشل في ذلك، وعندها عليه أن «يقص الحق من نفسه» ويقدم استقالته. باختصار إذا كانت الحكومة جادة في المواجهة وتريد أن تثبت أنها حكومة قوية فإن استجواب مسلم هو المحك الحقيقي لذلك، فهي لن تجد أشرس من مسلم البراك في الاستجواب، فإذا ما تخطت استجواب مسلم بسلام فسيكون «دربها خضر» فيما لو فكر نواب آخرون في استجواب آخر، ولذلك نقول للحكومة «هذا الميدان يا حميدان».تعليق: يبدو أن أغلبية النواب قد بلعت تصريحاتها الرنانة التي أطلقت أثناء الحملة الانتخابية والتي قالت فيها إنها جاءت «لخدمة الكويت وأهلها»، وإلا كيف نفسر رفض أكثر من ثلاثين نائبا الاقتراح الذي قدمته مجموعة من النواب لمد دور الانعقاد الحالي، علماً بأن هناك عشرات القوانين والتشريعات مضى عليها سنوات على جدول أعمال المجلس. برغم كل ما ينتظر النواب من أعمال يأبى معظم هؤلاء النواب إلا أن يأخذوا إجازة طويلة تصل إلى ما يقرب الأربعة أشهر. أعتقد أن مقترح التمديد سوف يقدم مرة أخرى في الجلسة القادمة أو التي يليها، وسوف يصوت عليه بالنداء بالاسم، وعندها على ناخبي كل من يعارض المقترح المقدم أن يضعوا علامة استفهام على من انتخبوه، لأنه آثر الاستجمام والسياحة على قضاء حوائج الناس. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء