مقعد شيخ الأزهر شاغر في انتظار عودة مبارك
لم تكد تمر ساعات على رحيل شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي، ومواراة جثمانه في مقابر "البقيع" بالمدينة المنورة، حتى بدأ سعي محموم في القاهرة للتكهن بمن سيكون "الإمام الأكبر" المقبل، والذي تتداخل الكثير من الاعتبارات في اختياره، السياسي منها بالدرجة الأولى، لاسيما أن المنصب يُعيّن من قبل رئيس الجمهورية المصري، بعد اختيار أعضاء مجمع البحوث الإسلامية البالغ عددهم 50 عالماً له، علاوة على المكانة الروحية الرفيعة التي يتمتع بها شيخ الأزهر كرئيس لأعلى مؤسسة سُنّية في العالم الإسلامي، وساهم غياب الرئيس المصري حسني مبارك، الذي يخضع للعلاج حالياً في ألمانيا، في مضاعفة حمّى التكهنات انتظاراً لعودته وحسم الاختيار.ورغم أن التكهنات تنحصر بين خيارين، يبدو أنهما الأقربان لشغل المنصب الرفيع، فإن هناك مصادر تطرح المزيد من الأسماء، في انتظار حسم الرئاسة المصرية لهذا الاختيار، الذي يبدو صعباً لاسيما مع رغبة القيادة المصرية في الاستفادة من المكانة الروحية لشيخ الأزهر كإمام للسُّنة في معركتها ضد ما يُسميه البعض بـ"التغلغل الإيراني والشيعي في المنطقة"، وهو ما يتطلب مواصفات خاصة في "الإمام" القادم.
وينحصر الخيار بين مفتي مصر الحالي د. علي جمعة (58 عاماً)، الذي يلقى قبولاً كبيراً لدى الأوساط المصرية، فضلاً عن أن شيخ الأزهر الراحل كان قد تولّى منصب المفتي قبل توليه مشيخة الأزهر، وهو ما قد يكون مؤهلاً لتولِّي الموقع، إلا أن جمعة يواجه عقبة كبيرة وهي أنه ليس "أزهرياً نقياً"، إذ لم يدرس بالمدارس الأزهرية، وإنما كان تعليمه مدنياً، حتى حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس سنة 1973، ثم التحق بجامعة الأزهر بالقاهرة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، وحصل منها على الإجازة العالية (الليسانس) سنة 1979، ثم حصل على درجة الماجستير بتقدير ممتاز سنة 1985، ثم حصل على الدكتوراه في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون مع مرتبة الشرف الأولى سنة 1988.في المقابل تبدو حظوظ منافسه الرئيس الحالي لجامعة الأزهر د. أحمد الطيب كبيرة، خاصة بفضل قربه من المؤسسات الرسمية المصرية، وعضويته في أمانة السياسات في الحزب "الوطني الديمقراطي" الحاكم، التي يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المصري، كما أنه قريب الشبه في شخصيته من شيخ الأزهر الراحل، في الهدوء والمرونة، وتخرج الطيب المولود في الأقصر بجنوب مصر في كلية أصول الدين، وحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون، وعمل مفتياً للديار المصرية في الفترة من 2002 حتى 2003؛ لينتقل من دار الإفتاء إلى رئاسة جامعة الأزهر.