في العشرين من سبتمبر عام 2001، أي بعد تسعة أيام من كارثة الحادي عشر من هذا الشهر نفسه، كان المفترض أن يقف الرئيس الأميركي المُغادر جورج بوش (الابن) خلف منصة الجمعية العمومية للأمم المتحدة ليُعلن أن الولايات المتحدة ستسعى إلى حلٍّ لأزمة الشرق الأوسط يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة والاستمرار إلى جانب دولة إسرائيل «التي لها الحق في أن يتوفر لها الأمن الذي تريده كدولة مستقرة في هذه المنطقة من الكرة الأرضية».

Ad

كان هذا هو القرار الذي اتخذه جورج بوش (الابن) بعد دراسات ومشاورات مع أركان إدارته ومع مراكز البحوث والدراسات المتخصصة في الشؤون الشرق أوسطية، ولكن كانت المفاجأة الصاعقة له ولأميركا وللعالم بأسره أن كارثة الحادي عشر من سبتمبر قد قطعت الطريق على حدث تاريخي لو أن هذه الكارثة لم تقطع الطريق عليه لأصبح الواقع في هذه المنطقة غير هذا الواقع الذي يحمل في أحشائه معطيات كوارث هائلة جديدة، إن لم يستطع هذا الرئيس الأميركي باراك أوباما تدارك الأمور وتغيير هذا الواقع المزري إلى عكسه.

وبالطبع، وكما هو معروف، فإن بوش (الابن) ما إن استوعب أهوال صدمة الحادي عشر من سبتمبر حتى بدأ التحرك لتحقيق ما وعد به، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة والاستمرار إلى جانب الدولة الإسرائيلية، لكن هذا التحرك الذي تَواصل بأشكال مختلفة، وعلى أساس هبَّة باردة وهبَّة ساخنة لنحو ثمانية أعوام بقي محكوماً بالواقع المستجد الذي تَرتب على هذه الكارثة، إذ باتت الأولوية، إن بالنسبة للولايات المتحدة وإن بالنسبة لدول العالم كله، لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه.

لاشك في أن الرئيس الأميركي السابق كان صادقاً عندما وعد بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة، لكن كانت المفاجأة أنْ حصل هذا الذي حصل فتغيرت الأولويات لدى الأميركيين والأوروبيين وغيرهم، وهنا فإن من سوء طالع الشعب الفلسطيني أنه كردٍّ على عمليات «حماس» الانتحارية جرى «تصنيف» منظمة التحرير والسلطة الوطنية وياسر عرفات في «خانة» الإرهاب، بينما جرى «تصنيف» إسرائيل في «خانة» الدولة المناهضة للتطرف وللظاهرة الإرهابية.

الآن ها هو باراك أوباما، بعد ثمانية أعوام، عاقد العزم على القيام بما حالت كارثة سبتمبر، التي للأسف لايزال بعض العرب والمسلمين يطبّلون ويزمّرون لها، دون قيام رئيس الولايات المتحدة السابق بما كان ينوي القيام به... وهنا فإن الخوف كل الخوف من أنْ تفاجِئَنا «القاعدة» أو الذين يستخدمون اسم «القاعدة» عنواناً لأفعالهم الشائنة بكارثة كتلك الكارثة، فتعود الأمور مرة أخرى إلى نقطة الصفر، ويتبدد حلم الدولة الفلسطينية المستقلة ثماني سنوات أُخرى جديدة.

في الرابع والعشرين من هذا الشهر، من المفترض أن يعلن باراك أوباما مبادرته «الموعودة» تجاه أزمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، وعلى أساس حلّ الدولتين وقيام الدولة المستقلة المنشودة إلى جانب الدولة الإسرائيلية، ولذلك ومن الآن فإن علينا أن نبقي أيدينا موضوعة على قلوبنا، فقد يحدث مرة ثانية ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، إنْ في الولايات المتحدة أو في أي منطقة من العالم فتستجد أولويات أخرى تجعل كل قضية الشرق الأوسط من أولها إلى آخرها مجرد قضية ثانوية لا تحظى بالاهتمام ولن يعود لها أي أهمية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء