لم تهدأ الإدانات والتنديدات العربية والدولية، لليوم الثاني على التوالي، بالجريمة الإسرائيلية التي ارتُكبت ضد "أسطول الحرية" الذي كان يحمل على متن سفنه مئات الناشطين المدنيين الذين استشهد وجرح العشرات منهم نتيجة الهجوم الهمجي عليهم.

Ad

وفي وقت تلقى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد اتصالاً هاتفياً أمس من الرئيس السوري بشار الأسد جرى خلاله بحث آخر المستجدات، كما تلقى اتصالين من إسماعيل هنية وخالد مشعل أشادا خلالهما بمواقف سموه، أفرجت السلطات الإسرائيلية مساء أمس عن المحتجزين الكويتيين ضمن قافلة "الحرية"، لتنتهي أزمة احتجازهم ولتبدأ أزمة دولية أخرى مع اسرائيل.

وتوجه الكويتيون إلى الأردن براً عبر معبر جسر الملك حسين وكان في استقبالهم سفير الكويت لدى الأردن الشيخ فيصل الحمود.

وبناءً على توجيهات سمو أمير البلاد، غادرت طائرة أميرية مع فريق طبي لنقلهم الى الكويت، وكان متوقعاً أن تصل الطائرة إلى البلاد في الواحدة صباحاً، على ان يكون في مقدمة المستقبلين سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء والنائب الأول وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك وأعضاء الحكومة وعدد من النواب وأهالي المحتجزين.

 وبينما سادت التظاهرات الشعبية العواصم العربية وعلى كل المستويات، منددة بالاعتداء الوحشي، كان لافتاً أمس تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير المواصلات وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د. محمد البصيري بأن الحكومة وافقت أمس على توصية مجلس الأمة في جلسته الطارئة المخصصة لمناقشة هذه الجريمة بالانسحاب من مبادرة السلام العربية الأمر الذي أوقع الحكومة في حالة حرج سياسي، حيث سارع مندوب الكويت الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير عبد الله المنصور  الى نفي هذه الأنباء.

وصرح المنصور، قبيل بدء اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، بأنه كانت هناك مطالبات من بعض أعضاء مجلس الأمة الكويتي بذلك "ولكن لم يصدر أي قرار رسمي بهذا الخصوص".

 وأوضح أن مبادرة السلام العربية صدرت بقرار من القادة العرب في قمة بيروت عام 2002، والحكومة الكويتية ملتزمة بهذا القرار وبالتالي بمبادرة السلام العربية التي توافق عليها العرب جماعياً.

   وذكرت مصادر مطلعة أن تصريح البصيري جاء "عندما ساد هرج ومرج أثناء إقرار التوصيات في مجلس الأمة وبينها التوصية بالانسحاب من المبادرة العربية للسلام، وما لبث البصيري أن أعلن موافقة الحكومة على كل التوصيات بتسرع واضح".

وأشارت المصادر إلى أن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان "لم يلحظ أن البصيري ورط الحكومة فلم يعلق على المسألة"، مضيفة أن "وزارة الخارجية استاءت مما حصل".

وكان مجلس الأمة عقد جلسة امس لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية على "قافلة الحرية"، واعتبر قتل المدنيين في عرض البحر "قرصنة بحرية وعملاً إرهابياً". وطالب المجلس الدول العربية والإسلامية باتخاذ مواقف عملية تجاه العربدة الإسرائيلية، مشدداً على ضرورة عدول الدول العربية عن مبادرة السلام العربية وقطع العلاقات السياسية التي تقيمها بعض الدول العربية والإسلامية مع إسرائيل.

وقال الوزير البصيري إثر الجلسة إن الحكومة وافقت على توصيات المجلس وستستعرضها في مجلس الوزراء وستطبق الكثير منها.

ورحبت حركة "حماس" على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم بقرار الانسحاب من مبادرة السلام العربية الذي نسبته وسائل الإعلام الى الحكومة الكويتية.

وقال برهوم: "هذه خطوة إيجابية ومهمة، نثمن عالياً هذا الموقف من الحكومة والبرلمان الكويتي كردّ أولي على الصلف والإجرام الصهيوني"، مطالباً الدول العربية بـ"الانسحاب من المبادرة العربية للسلام، وأن تحذو حذو الكويت في هذه الخطوة، وضرورة اتخاذ مواقف قوية لفك حصار قطاع غزة".

وفي انتظار اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة اليوم شنّ رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان هجوما قاسياً على إسرائيل، قائلاً ان بلاده سئمت من كذبها.

وحذر أردوغان إسرائيل من اختبار صبر تركيا، واعداً باستخدام كل الوسائل لمعاقبة المسؤولين عن الجريمة.

وقال اردوغان، خلال اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الحاكم أمس، مخاطباً إسرائيل: "صداقتنا تعد قيمة لكن عداوتنا شرسة وليست في صالح أحد"، مطالباً بالافراج الفوري عن ناشطي الاسطول وتسليمهم الى دولهم واخلاء سبيل سفن الأسطول الست مع طواقمها وحمولاتها.

وكان مجلس الأمن توصل فجر أمس، بعد أكثر من عشر ساعات من المداولات، الى قرار يدين "أعمال العنف" التي أدت الى مقتل مدنيين في العملية الإسرائيلية ضد قافلة "أسطول الحرية"، ويدعو الى إجراء تحقيق محايد وبعتبر ان استمرار الوضع في غزة على ما هو عليه، "غير مقبول".

ولاقى القرار الأممي رفضا من حركة "حماس" التي اعتبرته "منقوصا وغير كاف"، في حين اعتبره وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان انه "غير مقبول ولا يحرك عملية السلام والاستقرار قدماً في الشرق الأوسط".

في غضون ذلك، أمر الرئيس المصري حسني مبارك أمس بفتح معبر رفح البري بين مصر وقطاع غزة لأجل غير مسمى لإدخال المعونات الإنسانية والطبية اللازمة إلى القطاع، واستقبال الحالات الإنسانية والجرحى والمرضى.

ولاقت خطوة مبارك ترحيباً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وترحيبا حذراً من رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل الذي دعا القاهرة الى فتح معبر رفح بشكل دائم وشامل. وتوجه الى مبارك قائلا: "يا سيادة الرئيس بدأت حياتك عسكرياً تقاتل العدو، فأنهها كعسكري شجاع وقل إنك ستفتح المعبر ولن تسمح بتجويع غزة، وهذا القرار سيحفظه لك الله قبل أن تلقاه".

وحث مشعل خلال مؤتمر صحافي عقده في صنعاء على وقف كافة أشكال الاتصال العربية ـ الإسرائيلية، معتبراً أن "حصار غزة غير مسموح به بعد اليوم وقد فشل كأداة سياسية"، ومطالباً العرب بالاجتماع لرفعه.

وفي واشنطن دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون جميع الأطراف الى توخي الحذر في الرد على الهجوم الاسرائيلي على القافلة متعاطفة مع الضحايا ومتجنبة التنديد بالعملية.