لا يمكن "تصْديق" أن إسرائيل قادرة، وهي التي تعتبر ولاية أميركية خلف المحيطات، قادرة على التمرد على الولايات المتحدة بهذه الطريقة الفظََّة والاستفزازية، وأن رئيس وزرائها قادر وقبله وزير خارجيتها على توجيه إهانة، على شاشات التلفزيونات وعلى مرأى ومسمع وسائل الإعلام، للموفد الأميركي جورج ميتشيل الذي توسط ونجح في وساطته في الأزمة الإيرلندية، ولكنه لم يتلقَّ إهانة كهذه الإهانة.
وهذا يعني أنه على العرب، وبالتالي على الفلسطينيين أن يغيروا أساليب تعاطيهم مع الأميركيين بالنسبة لصراع الشرق الأوسط، وفي مقدمته القضية الفلسطينية، وتعاطيهم مع الإسرائيليين ومع عملية السلام كلها، وأن ينتهجوا نهجاً جديداً غير هذا النهج الذي يبدو أنه غير مجدٍ مع دولة "زنديقة" و"مارقة" كلما أُعطيت تنازلاً طالبت بأكثر منه بألف مرة. بعد تجربة "أوسلو" المحبطة، التي لاشك أن من أهم إيجابياتها أنها وضعت العمل الوطني الفلسطيني بقيادته وقواعده على ساحة الصراع في الداخل، وأنها أعادت أكثر من ربع مليون من الفلسطينيين إلى وطنهم، لابد من تبديل الأساليب السابقة بأساليب جديدة مع البقاء في دائرة العمل السياسي، لأن العمل العسكري رسمياً وشعبياً غير ممكن وغير ملائم لهذه المرحلة. عندما تقدم العرب بمبادرتهم التي تبنّوها في قمة بيروت المعروفة، التي انعقدت في حين أعاد شارون احتلال الضفة الغربية كلها وحاصر ياسر عرفات إلى أن خرج من رام الله في رحلة عاد منها إلى القبر، فإنهم تقدموا بها في حقيقة الأمر إلى الولايات المتحدة وإلى الرأي العام العالمي، وذلك لأنهم كانوا يعرفون أن إسرائيل التي قتلت إسحق رابين بسبب توجهاته السلمية وتوقيعه اتفاقات أوسلو ليست بوارد السلام على الإطلاق، وأنها لا يمكن أن توافق على إقامة دولة فلسطينية فعلية وحقيقية. لقد تقدم العرب بمبادرتهم السلمية هذه، ولقد بقوا يدفعون الفلسطينيين إلى التمسك بخيار السلام، لأن خيار الحرب في هذه المرحلة غير ممكن عربياً وفلسطينياً وغير مقبولٍ دوليّاً تماشياً مع تحولات العالم المهمة في اتجاه قضية فلسطين واستجابةً للجهود التي أخذت تبذلها الولايات المتحدة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة إلى جانب الدولة الإسرائيلية. الآن وفي ضوء كل هذا التمادي الإسرائيلي لابد أن يغير العرب أساليب تعاطيهم مع الولايات المتحدة ومع العالم، والمطلوب هنا تحديداً هو السعي الدؤوب والفعلي إلى استصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، ومن ضمنها القدس الشرقية، واعتبار أن هذه الدولة قائمة بالفعل وفقاً للخطة التي تقدمت بها حكومة السلطة الوطنية برئاسة الدكتور سلام فياض، والتي قوبلت بارتياح مشجع من قبل أوروبا وأميركا ومن قبل العالم كله. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
ضرورة تغيير الأساليب!
20-09-2009