سلاح العقوبات المثلّم!

نشر في 11-02-2010
آخر تحديث 11-02-2010 | 00:00
 صالح القلاب كان محمود أحمدي نجاد يعرف تمام المعرفة قبل أن يتخذ قرار رفع درجة تخصيب اليورانيوم أن العقوبات التي يهدد الغرب بها إيران مصيرها إلى الفشل، وأن دولة بحجم دولته وإمكاناتها وعلاقاتها الدولية المتشعبة قادرة على امتصاص هذه العقوبات وتفريغها من كل مضامينها الحقيقية، وقادرة على الاستمرار في ما تريده، حتى إن تعرضت لبعض الإرباكات، وعانت الكثير أو القليل وخصوصاً في المجالات الإنسانية.

إن محمود أحمدي نجاد يعرف أن الدول تحركها وتحدد سياساتها مصالحها الخاصة، وأنه من المستحيل أن يكون هناك إجماع في مجلس الأمن الدولي على العقوبات التي تلوِّح بها الولايات المتحدة ومعها فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، فالصين رغم علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع أميركا لا يمكن إلا أن تأخذ بعين الاعتبار عوامل مصالحها مع إيران، ولذلك فإنها قد تكون مع عقوبات مخففة وزجْرية، لكنها، وعلى الإطلاق، لن تذهب في هذا الشوط حتى آخره، وهذا ينطبق، وإن بحدود مختلفة، على روسيا.

كانت الولايات المتحدة قد لجأت إلى سلاح العقوبات الاقتصادية ضد كوبا منذ انتصار ثورتها بقيادة فيدل كاسترو في نهايات عقد خمسينيات القرن الماضي، ولجأت إلى هذا السلاح بعد فشل عملية إنزال خليج الخنازير الشهير وبالطريقة نفسها التي فشلت فيها عملية صحراء لوط الشهيرة، إذ ذهب مشاة البحرية الأميركية في عهد الرئيس جيمي كارتر لتحرير رهائن سفارة بلادهم في طهران، وكانت النتيجة ذلك الفشل الذريع وتلك الهزيمة المنكرة.

لأكثر من خمسة عقود بقيت كوبا تخضع لعقوبات أميركية، ومع ذلك فإنها بقيت صامدة، وبقي نظام الرئيس فيدل كاسترو يشكل شوكة في خاصرة الولايات المتحدة، وبقي أيضاً يتدخل تدخلاً عسكرياً في إفريقيا وغيرها، لإسناد كل حركات التحرر التي أُنشئت لمواجهة المد الأميركي، ولتحرير الكثير من دول العالم الثالث من استعمار جديد هو استعمار أميركي، بدأ في نهايات عقد خمسينيات القرن الماضي بالحلول محل الاستعمار القديم الذي مثلته بريطانيا ومعها بعض الدول المنافسة الأخرى.

وعلى هذا فإنه على الولايات المتحدة أن تخيط بغير هذه المسلة، وعليها أن تبحث عن وسيلة أخرى تتعامل من خلالها مع إيران، وكل هذا مع تأكيد أن اللجوء إلى العمل العسكري ستكون نتائجه كارثية، لا على جمهورية إيران الإسلامية ولا على محمود أحمدي نجاد ونظامه، وإنما على هذه المنطقة كلها، وعلى المصالح الأميركية، وعلى جيوش أميركا المنتشرة في بحر بشري متلاطم، كله لا يقبل أميركا ووجودها العسكري، ويعتبره استعماراً بغيضاً يجب تحيُّن كل الفرص للتخلص منه حتى بقوة السلاح.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top