عند تشكيل اللجان البرلمانية الحالية حازت اللجنة المالية التي ضمت النواب الزلزلة والعنجري والسعدون والسلطان ودميثير ودشتي والمطير النصيب الأكبر من التفاؤل، فجميع الكتل والتوجهات الفكرية والسياسية داخل البرلمان ممثلة فيها، كما تتنوع خبرات أعضائها الاقتصادية والقانونية والأكاديمية، ومبعث التفاؤل هو أن لجنة بهذا التنوع والخبرة لا بد أن تكون فعالة ومنتجة وتصدر قوانينها بأقل الثغرات، وتوافق سينعكس حتماً على جميع أعضاء المجلس، لذلك هل يعقل أن يصدر عنها قانون مشوه كقانون إسقاط فوائد القروض الذي أقر بجلسة 6 يناير 2010؟

Ad

ليت القانون يقع في المنطقة الرمادية بحيث يمكن إضافة بعض التعديلات الطفيفة عليه لتصحيحه كما يحدث مع معظم القوانين، بل يقع في عمق المنطقة السوداء من حيث مخالفته الدستور واستحالة تطبيقه عملياً ولا علاج له سوى النسف، ولا يعقل القبول بالقول إنه فات أعضاء اللجنة وباقي النواب المؤيدين للقانون ملاحظة مثالبه الدستورية والتنفيذية وتصحيحها، لذلك لا يسع المرء إلا أن يستنتج أن مؤيدي القانون قبل معارضيه يبتغون سقوطه لعلمهم برد الحكومة له، واستحالة تطبيقه عملياً فيما لو أقر، وهذا ما يعزز إيماناً راسخاً لديّ بأن قضية القروض افتعلت لتستمر لا لتحل، كما هي الحال في قضية البدون.

بجانب المتاجرة بالدين، لم يشهد تاريخ الكويت السياسي الحديث متاجرة سياسية بقدر ما شهده بقضيتي القروض والبدون، فكم من الاقتراحات والجلسات والندوات والتصريحات استهلكت للدوران حول القضيتين دون حلهما؟ فالحكومات المتعاقبة لطالما استغلت قضية البدون وتجنيسهم وقوداً لضمان بقائها وكسب الولاءات، والنواب باتت حملاتهم الانتخابية تبنى بكاملها على القضيتين، والمهم أن الحكومة والنواب متفقون على استمرار تدفق هذا الوقود ضماناً لاستمرارهم، فكيف لحكومات متعاقبة فاقدة للقدرات الإدارية والسياسية أن تؤمن الأغلبيات النيابية من دون تجنيس؟ وماذا سيكون لدى النائب ضيف الله بورمية مثلاً ليقوله لجمهوره فيما لو طويت قضية القروض؟

القروض والبدون قضيتان لا يراد لهما الحل، فهما أشبه بسوق مفتوح تتنافس فيه الحكومة والنواب والناشطون على التكسب السياسي مع استثناء القلة المخلصة التي تصبو إلى حلهما نهائياً كل وفق قناعاته، ويطغى فيه جشع المتاجرين بالقضيتين المتفقين على إطالة عمرهما وعدم حلهما، ويقع البلد ضحية علو كلفتهما، والمواطن ضحية العبث وعدم الإنجاز.

Dessert

أكثر من نائب نقل لي أن نواباً مؤيدين لإسقاط الفوائد أفصحوا لهم عن قناعتهم بأن القانون لا يخدم المصلحة العامة، ولكنهم صوتوا عكس قناعاتهم خوفاً من الناخبين، ويتمنون سقوط القانون كي لا يحملوا ذنبه ويقاسوا تأنيب الضمير. المسألة كما قلنا، متاجرة سياسية وقانون كُتِب مشوهاً لضمان سقوطه ليستمر تدفق الوقود.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة