تحت مظلة العلاقات المتميزة التي جمعت قادة الخليج، واستجابة للمتغيرات الدولية المتتابعة، بالإضافة إلى ظروف المنطقة المحيطة، برزت في بداية الثمانينيات فكرة إنشاء منظومة لتفعيل مفاهيم التخطيط الاستراتيجي لدول الخليج في مجالات عدة أمنية واقتصادية واجتماعية وسياسية، وشملت الرؤية الدول الست التي يجمعها الموقع الجغرافي والاقتصاد النفطي، وتجمعها الرغبة المشتركة في تنظيم سياساتها المالية والنقدية والتجارية، وتحققت الرؤية في عام 1981 بعد اجتماع وزراء خارجية دول الخليج في الرياض ومسقط.
ثم تبعه اتفاق القادة على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتم اختيار أمين عام كويتي، وهو السفير عبدالله بشارة، وموقع سعودي للأمانة العامة في قلب مدينة الرياض، ودولة الإمارات العربية لعقد القمة الأولى، حيث عقدت في أبوظبي بتاريخ 26 مايو عام 1981، بعدها باشرت الأمانة العامة أعمالها، وقامت بوضع النظام الأساسي وإقرار الاتفاقية الاقتصادية لدول التعاون، ومن ثم انطلقت الجهود تجاه إيجاد الأجهزة المناسبة لتحقيق التكامل والاندماج، ورافقتها لجان متخصصة موازية لأهداف المجلس، في مجال الشؤون الاقتصادية والمالية والتجارية والجمارك والمواصلات والتعليم والثقافة والصحة والإعلام والسياحة. بعد تلك النبذة المختصرة عن الأسس الاستراتيجية التي استندت إليها المنظومة في فترة التأسيس، وبمناسبة تولي دولة الكويت الرئاسة الدورية لدول التعاون هذا العام، واهتمامها المستمر «بالنكهة الاقتصادية»، لا نملك إلا أن نتساءل: أين المجلس من الاتفاقية الاقتصادية الموقعة في فترة التأسيس؟ وهل لدول الخليج منطقة للتجارة الحرة؟ وهل للبنى التحتية في دول الخليج نصيب من التطوير والتحديث؟ وهل تأثرت الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالجهود الداعمة؟ لا شك أن الحديث عن المنظمات الإقليمية ومدى التزامها بالأهداف والاتفاقيات مطول، أما الحاجة إلى صياغة رؤية متجددة للوصول إلى التكامل الاقتصادي والاجتماعي المنشود، فأعتقد أنها تتحقق على صعيد الدول من خلال تحقيق تقدم في بناء وتطوير هياكل البنية التحتية الأساسية لهذه الدول، وتطوير الطرق البرية وتفعيل مشاريع توزيع الغاز، وربط شبكة الاتصالات وغيرها من الخطط التي واكبت النظام الأساسي والاتفاقية الاقتصادية الموحدة.وكذلك ما يمس المواطن الخليجي، كالبحث عن الصعوبات التي يواجهها أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الخليجيين، بالإضافة إلى متابعة الإجراءات الخاصة بالنشاط التجاري بين الدول الأعضاء، والأسباب المؤدية إلى تعطيل تحقيق القاعدة الإنتاجية الخليجية، التي ستحمي المواطن والتاجر الخليجي معا من الاعتماد على الاستيراد فقط. نستخلص مما سبق أن الاتفاقيات التي يرعاها مجلس التعاون مبادرة جيدة لكنها تفتقر إلى الآلية التنفيذية الطويلة الأمد، لذا فهي تتطلب منا التوقف والتفكير، والتقييم ليتسنى لنا صياغة رؤية للمرحلة القادمة نتلافى من خلالها الوقوع في أخطاء استراتيجية تساهم في تعطيل الإنجاز، ومن تلك الاتفاقيات أذكر، إلى جانب الاتفاقية الموحدة التي تم توقيعها عام 1981، اتفاقية المنطقة التجارية الحرة عام 1983، واتفاقية الاتحاد الجمركي في الأول من يناير عام 2003، واتفاقية السوق الخليجية المشتركة، والتي انطلقت عبر إعلان الدوحة عام 2007.وأخيراً فإن خطة التكامل الاقتصادي الخليجي بحاجة إلى استراتيجية بديلة تستهدف ترجمة الأهداف إلى واقع ملموس، ولن تتحقق إلا من خلال الجهد المشترك، حتى نقترب من تحقيق عملية التكامل تحت مظلة خليجية واحدة، وللحديث بقية! كلمة أخيرة: في الوقت الذي تتسابق فيه بعض الولايات الأميركية في تحديد كوتا لمطاعم الوجبات السريعة، لحماية المجتمع من الدهون الضارة، تتسابق الجمعيات التعاونية الكويتية تجاه جلب المزيد من مطاعم الوجبات السريعة وتضع العقبات أمام المطاعم الكويتية المصنفة ضمن المشاريع المتوسطة!! أرجوكم شجعوا أبناءنا بمشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، وضعوهم على الطريق الصحيح للوصول بمنتجاتهم إلى «معايير الجودة»! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
قمة الكويت ... التكامل الاقتصادي
01-12-2009